التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{لَهُمُ ٱلۡبُشۡرَىٰ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِۚ لَا تَبۡدِيلَ لِكَلِمَٰتِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (64)

قوله : { لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } المراد بالبشرى في الحياة الدنيا : الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو يراها له غيره . وهو قول كثير من المفسرين . واحتجوا لذلك من الأخبار بما رواه الإمام أجمد عن أبي الدرداء ( رضي الله عنه ) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : { لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } قال : ( الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ) .

وقيل : البشرى في الحياة الدنيا يراد بها الثناء من الناس على المؤمن ؛ فقد روي الإمام أحمد في ذلك عن أبي ذر أنه قال : يا رسول الله الرجل يعمل العمل ويحمده الناس عليه ويثنون عليه به . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تلك عاجل بشرى المؤمن ) .

وروي الإمام أحمد أيضا عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة } قال : ( الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن جزء من تسعة وأربعين جزءا من النبوة ، فمن رأى ذلك فليخبر بها ، ومن رأى سوى ذلك ؛ فغنما هو من الشيطان ليحزنه ؛ فلينفث عن يساره ثلاثا ، وليكبر ولا يخبر بها أحدا ) {[2010]} .

قوله : { وتبديل لكلمات الله } أي لا خلف لوعد الله ؛ فوعد الله لا يبدل ولا يحلو وإنما هو ثابت متقرر ولا محالة كائن .

قوله : { ذالك هو الفوز العظيم } ما يعطاه المؤمن من البشرى المبهجة يراها في منامه ، أو ترى له ، أو ما يحظى به من ثناء المؤمنين ؛ إذ يطردونه ويذكرونه بالخير وجميل الدعاء ، وما يصير إليه في الآخرة من النجاة . لا جرم أن ذلك كله لهو الفوز العظيم .


[2010]:تفسير القرطبي جـ 8 ص 358 وتفسير ابن كثير جـ 2 ص 423.