معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (71)

قوله تعالى : { وحسبوا } ، ظنوا .

قوله تعالى : { أن لا تكون فتنة } ، أي : عذاب وقتل ، وقيل : ابتلاء واختبار ، أي : ظنوا أن لا يبتلوا ولا يعذبهم الله ، قرأ أهل البصرة ، وحمزة ، والكسائي ، تكون برفع النون ، على معنى أنها لا تكون ، ونصبها الآخرون كما لو لم يكن قبله لا .

قوله تعالى : { فعموا } ، عن الحق فلم يبصروه .

قوله تعالى : { وصموا } ، عنه فلم يسمعوه ، يعني عموا وصموا بعد موسى صلوات الله وسلامه عليه .

قوله تعالى : { ثم تاب الله عليهم } ، ببعث عيسى عليه السلام .

قوله تعالى : { ثم عموا وصموا كثير منهم } ، بالكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم .

قوله تعالى : { والله بصير بما يعملون } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (71)

{ وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ ْ } أي : ظنوا أن معصيتهم وتكذيبهم لا يجر عليهم عذابا ولا عقوبة ، فاستمروا على باطلهم . { فَعَمُوا وَصَمُّوا ْ } عن الحق { ثُمَّ ْ } نعشهم و { تاب الله عَلَيْهِمْ ْ } حين تابوا إليه وأنابوا { ثُمَّ ْ } لم يستمروا على ذلك حتى انقلب أكثرهم إلى الحال القبيحة . { فعَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ ْ } بهذا الوصف ، والقليل استمروا على توبتهم وإيمانهم . { وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ْ } فيجازي كل عامل بعمله ، إن خيرا فخير وإن شرا فشر .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (71)

لقد صنع بنو إسرائيل تلك الآثام كلها ؛ وهم يحسبون أن الله لن يفتنهم بالبلاء ، ولن يأخذهم بالعقاب . حسبوا هذا الحسبان غفلة منهم عن سنة الله ؛ وغرورا منهم بأنهم " شعب الله المختار " !

( وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموًا ) . .

طمس الله على أبصارهم فلا يفقهون مما يرون شيئا ؛ وطمس على مسامعهم فلا يفيدون مما يسمعون شيئا . .

( ثم تاب الله عليهم ) . .

وأدركهم برحمته . . فلم يرعووا ولم ينتفعوا :

( ثم عموا وصموا . كثير منهم . . ) ( والله بصير بما يعملون ) . .

وهو مجازيهم بما يراه ويعلمه من أمرهم . . وما هم بمفلتين . .

ويكفي أن يعرف الذين آمنوا هذا التاريخ القديم عن يهود ، وهذا الواقع الجديد ؛ لتنفر قلوبهم المؤمنة من ولائهم ، كما نفر قلب عبادة بن الصامت ؛ فلا يتولاهم إلا المنافقون من أمثال عبدالله بن أبى بن سلول !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (71)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَحَسِبُوَاْ أَلاّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُواْ وَصَمّواْ ثُمّ تَابَ اللّهُ عَلَيْهِمْ ثُمّ عَمُواْ وَصَمّواْ كَثِيرٌ مّنْهُمْ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ } . .

يقول تعالى : وظنّ هؤلاء الإسرائيليون الين وصف تعالى ذكره صفتهم أنه أخذ ميثاقهم وأنه أرسل إليهم رسلاً ، وأنهم كانوا كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسم كذّبوا فريقا وقتلوا فريقا ، أن لا يكون من الله لهم ابتلاء واختبار بالشدائد من العقوبات بما كانوا يفعلون . فَعَمُوا وصَمّوا يقول : فعموا عن الحقّ والوفاء بالميثاق الذي أخذته عليهم من إخلاص عبادتي ، والانتهاء إلى أمري ونهيي ، والعمل بطاعتي بحسبانهم ذلك وظنهم ، وصموا عنه . ثم تبت عليهم ، يقول : ثم هديتهم بلطف مني لهم ، حتى أنابوا ورجعوا عما كانوا عليهم من معاصيّ وخلاف أمري ، والعمل بما أكرهه منهم إلى العمل بما أحبه ، والانتهاء إلى طاعتي وأمري ونهيي . ثُمّ عَمُوا وصَمّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ يقول : ثم عموا أيضا عن الحقّ والوفاء بميثاقي الذي أخذته عليهم من العمل بطاعتي والانتهاء إلى أمري واجتناب معاصيّ ، وَصمّوا كَثِيرٌ منهم يقول : عمي كثير من هؤلاء الذين كنت أخذت ميثاقهم من بني إسرائيل باتباع رسلي والعمل بما أنزلت إليهم من كتبي عن الحقّ ، وصموا بعد توبتي عليهم واستنقاذي إياهم من الهلكة . وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ يقول : بصير فيرى أعمالهم خيرها وشرّها ، فيجازيهم يوم القيامة بجميعها ، إن خيرا فخيرا وإن شرّا فشرّ .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَحَسِبُوا أنْ لا تَكُونَ فِتْنَةٌ . . . الاَية ، يقول : حسب القوم أن لا يكون بلاء فعموا وصموا ، كلما عرض بلاء ابتلوا به هلكوا فيه .

حدثنا محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : وَحَسِبُوا أنْ لا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمّوا يقول : حسبوا أن لا يبتلوا ، فعموا عن الحقّ وصمّوا .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن مبارك ، عن الحسن : وَحَسِبُوا أنْ لا تَكُونَ فِتْنَةٌ قال بلاء .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : وَحَسِبُوا أنْ لا تكونَ فِتْنَةٌ قال : الشرك .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : وَحَسِبُوا أنْ لا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وصَمّوا قال : اليهود .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج عن ابن جريج ، عن مجاهد : فَعَمُوا وَصَمّوا قال : يهود . قال ابن جريج ، عن عبد الله بن كثير ، قال : هذه الاَية لبني إسرائيل . قال : والفتنة : البلاء والتمحيص .