تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{وَحَسِبُوٓاْ أَلَّا تَكُونَ فِتۡنَةٞ فَعَمُواْ وَصَمُّواْ ثُمَّ تَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٞ مِّنۡهُمۡۚ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (71)

لقد تمكّن من نفوسهم أنه لن تقع لهم فتنة بما فعلوا من الفساد ، انطلاقاً من زعمهم أنهم أبناء الله وأحباؤه . لذلك لم يعودوا يبالون بآثامهم . وهكذا أصابهم العمى عن آيات الله التي أنزلها في كتبه ، وصَمُّوا عن سماع المواعظ التي جاءهم بها أولئك الرسل . وإذ ظلموا أنفسهم فقد سلّط عليهم الله من أذاقهم الخسف .

لقد غزاهم بختنصّر ، فأهلكهم واستباهم وسقاهم إلى بابل . ثم رحمهم الله وأعاد إليهم مُلكهم على يد كورش ، أحد ملوك الفرس ، فرجع عدد كبير منهم إلى القدس . لكنهم ما لبثوا أن عَمُوا وصمّوا مرة أخرى ، وعادوا إلى ظلمهم وفسادهم في الأرض ، فقتلوا زكريّا وأشعيا ، وأرادوا قتل عيسى عليه السلام ، فسلّط الله عليهم الفُرس ثم الرومان فأزالوا ملكهم .

وفي قوله تعالى : { كَثِيرٌ مِّنْهُمْ } إشارةٌ إلى أنه فيهم أناسٌ خيرون أتقياء . لكن الله سبحانه يعاقب الأمم بذنوبها إذا كثرت وشاعت فيها ، ولو كان فيهم قلة من الصالحين . لذلك يقول تعالى في آية أخرى { واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً } [ الأنفال : 25 ] .

{ والله بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }

الله مطلع عليهم مشاهدٌ لأعمالهم ، ومجازيهم عليها .

قراءات :

قرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي { أَلاَّ تَكُونَ } بالرفع والباقون بالنصب .