معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ} (1)

مقدمة السورة:

سورة القمر

مكية وآياتها خمس وخمسون

قوله عز وجل : { اقتربت الساعة } دنت القيامة ، { وانشق القمر } .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب ، أنبأنا بشر بن المفضل ، حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما " . وقال شيبان عن قتادة : فأراهم انشقاق القمر مرتين . أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا مسدد ، حدثنا يحيى عن شعبة وسفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن ابن مسعود قال : " انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين فرقة فوق الجبل و فرقة دونه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشهدوا " . وقال أبو الضحى عن مسروق قال : انشق القمر بمكة . وقال مقاتل : انشق القمر ثم التأم بعد ذلك . وروى أبو الضحى عن مسروق عن عبد الله قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت قريش : سحركم ابن أبي كبشة ، فاسألوا السفار ، فسألوهم ، فقالوا : نعم قد رأيناه ، فأنزل الله عز وجل : { اقتربت الساعة وانشق القمر } .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة اقتربت مكية

{ 1-5 } { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ }

يخبر تعالى أن الساعة وهي القيامة اقتربت وآن أوانها ، وحان وقت مجيئها ، ومع ذلك ، فهؤلاء المكذبون لم يزالوا مكذبين بها ، غير مستعدين لنزولها ، ويريهم الله من الآيات العظيمة الدالة على وقوعها ما يؤمن على مثله البشر ، فمن أعظم الآيات الدالة على صحة ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ، أنه لما طلب منه المكذبون أن يريهم من خوارق العادات ما يدل على [ صحة ما جاء به و ] صدقه ، أشار صلى الله عليه وسلم إلى القمر بإذن الله تعالى ، فانشق فلقتين ، فلقة على جبل أبي قبيس ، وفلقة على جبل قعيقعان ، والمشركون وغيرهم يشاهدون هذه الآية الكبرى{[921]}  الكائنة في العالم العلوي ، التي لا يقدر الخلق على التمويه بها والتخييل .


[921]:- في ب: العظيمة.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة القمر

بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

1- سورة القمر : هي السورة الرابعة والخمسون في ترتيب المصحف ، أما ترتيبها في النزول فكان بعد سورة الطلاق ، وقبل سورة " ص " .

ويبلغ عدد السور التي نزلت قبلها ، سبعا وثلاثين سورة .

ويبلغ على الظن أن نزولها كان في السنوات الأولى من بعثته صلى الله عليه وسلم .

قال بعض العلماء : وكان نزولها في حدود سنة خمس قبل الهجرة . ففي الصحيح أن عائشة –رضي الله عنها- قالت : أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ، وإني لجارية ألعب ، قوله –تعالى- : [ بل الساعة موعدهم ، والساعة أدهى وأمر ]( {[1]} ) .

2- وتسمى هذه السورة بسورة القمر ، وبسورة اقتربت الساعة ، وتسمى بسورة اقتربت ، حكاية لأول كلمة افتتحت بها .

روى الإمام مسلم وأهل السنن عن أبي واقد الليثي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في العيد بسورتي " ق " و " اقتربت الساعة " .

وعدد آياتها : خمس وخمسون آية وهي من السور المكية الخالصة –على الرأي الصحيح- ، وقيل : هي مكية إلا ثلاث آيات منها ، وهي قوله –تعالى- : [ أم يقولون نحن جميع منتصر . سيهزم الجمع ويولون الدبر . بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر ] فإنها نزلت يوم بدر ، وهذا القيل لا دليل له يعتمد عليه .

ويرده ما أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : أنزل الله –تعالى- على نبيه صلى الله عليه وسلم بمكة قبل يوم بدر : سيهزم الجمع ويولون الدبر ، وقال عمر بن الخطاب : قلت : يا رسول الله أي جمع يهزم ؟ فلما كان يوم بدر ، وانهزمت قريش ، نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في آثارهم مصلتا بالسيف ، وهو يقول : [ سيهزم الجمع ويولون الدبر ] فكانت ليوم بدر .

وبذلك نرى أن هذا الحديث ، وحديث عائشة السابق ، يدلان على أن هذه الآيات مكية –أيضا- ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما قرأها في غزوة بدر على سبيل الاستشهاد بها .

3- والسورة الكريمة قد تحدثت في مطلعها عن اقتراب يوم القيامة ، وعن جحود المشركين للحق بعد إذ جاءهم ، وعما سيكونون عليه يوم القيامة من ندم وحسرة . قال –تعالى- [ اقتربت الساعة وانشق القمر . وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر . وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر ] .

4- ثم تحدثت السورة الكريمة عن مصارع الغابرين ، فذكرت ما حل من هلاك ودمار ، بقوم نوح ، وهود ، ولوط –عليهم السلام- وما حل أيضا بفرعون وملئه من عقاب .

ثم ختم –سبحانه- السورة الكريمة ، ببيان مظاهر قدرته ، وبليغ حكمته ، ودقة نظامه في كونه ، وبشر المتقين بما يشرح صدورهم فقال –تعالى- : [ إنا كل شيء خلقناه بقدر . وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر . ولقد أهلكنا أشياعكم فهل من مدكر . وكل شيء فعلوه في الزبر . وكل صغير وكبير مستطر . إن المتقين في جنات ونهر . في مقعد صدق عند مليك مقتدر ] .

5- والمتدبر في السورة الكريمة يراها قد اهتمت بالحديث عن أهوال يوم القيامة ، وعن تعنت المشركين وعنادهم ، وعن سنن الله –تعالى- في خلقه ، التي من أبرز مظاهرها ، نصر المؤمنين ، وخذلان الكافرين .

والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم . .

دولة قطر – الدوحة

صباح السبت 27 جمادى الآخرة 1406 ه

8/3/1986 م

د . محمد سيد طنطاوي

افتتحت السورة الكريمة بهذا الافتتاح الذى يبعث فى النفوس الرهبة والخشية ، فهو يخبر عن قرب انقضاء الدنيا وزوالها .

إذ قوله - تعالى - : { اقتربت الساعة } أى : قرب وقت حلول الساعة ، ودنا زمان قيامها .

والساعة فى الأصل : اسم لمدار قليل من الزمان غير معين ، وتحديدها بزمن معين اصطلاح عرفى ، وتطلق فى عرف الشرع على يوم القيامة .

وأطلق على يوم القيامة يوم الساعة ، لوقوعه بغتة ، أو لسرعة ما فيه من الحساب ، أو لأنه على طوله قدر يسير عند الله - تعالى - .

وقد وردت أحاديث كثيرة ، تصرح بأن ما مضى من الدنيا كثير بالنسبة لما بقى منها ، ومن هذه الأحاديث ما رواه البزار عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " خطب أصحابه ذات يوم ، وقد كادت الشمس أن تغرب . . فقال : " والذي نفسى بيده ما بقى من الدنيا فيما مضى منها ، إلا كما بقى من يومكم هذا فيما مضى منه " " .

وروى الشيخان عن سهل بن سعد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " بعثت أنا والساعة هكذا " وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى .

وشبيه بهذا الافتتاح قوله - تعالى - : فى مطلع سورة الأنبياء : { اقترب لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } وقوله - سبحانه - فى افتتاح سورة النحل : { أتى أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ } والمقصود من هذا الافتتاح المتحدث عن قرب يوم القيامة ، تذكير الناس بأهوال هذا اليوم ، وحضهم على حسن الاستعداد لاستقباله عن طريق الإيمان والعمل الصالح .

وقوله - تعالى - : { وانشق القمر } معطوف على ما قبله عطف جملة على جملة .

وقوله : { وانشق } من الانشقاق بمعنى الافتراق والانفصال .

أى : اقترب وقت قيام الساعة ، وانفصل وانفلق القمر بعضه عن بعض فلقتين ، معجزة للنبى - صلى الله عليه وسلم - ، وكان ذلك بمكة قبل هجرته - صلى الله عليه وسلم - بنحو خمس سنين ، وقد رأى هذا الانشقاق كثير من الناس .

وقد ذكر المفسرون كثيرا من الأحاديث فى هذا الشأن ، وقد بلغت الأحاديث مبلغ التواتر المعنوى .

قال الإمام ابن كثير : وهذا أمر متفق عليه بين العلماء - أى : انشقاق القمر- ، فقد وقع فى زمان النبى - صلى الله عليه وسلم - وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات .

ثم ذكر - رحمه الله - جملة من الأحاديث التى وردت فى ذلك ، ومنها ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبى - صلى الله عليه وسلم - آية ، فانشق القمر بمكة مرتين ، فقال : { اقتربت الساعة وانشق القمر } .

وأخرج الإمام أحمد عن جبير بن مطعم عن أبيه قال : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصار فلقتين : فلقة على هذا الجبل وفلقة على هذا الجبل .

فقالوا : سحرنا محمد ، فقالوا : إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم .

وروى الشيخان عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شقتين ، حتى نظروا إليه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اشهدوا " .

وقال الآلوسى : بعد أن ذكر عددا من الأحاديث فى هذا الشأن : والأحاديث الصحيحة فى الانشقاق كثيرة ، واختلف فى تواتره ، فقيل : هو غير متواتر : وفى شرح المواقف أنه متواتر . وهو الذى اختاره العلامة السبكى ، فقد قال : الصحيح عندى أن انشقاق القمر متواتر ، منصوص عليه فى القرآن ، مروى فى الصحيحين وغيرهما من طرق شتى ، لا يمترى فى تواتره .

وقد جاءت أحاديثه فى روايات صحيحة ، عن جماعة من الصحابة ، منهم عل بن أبى طالب ، وأنس ، وابن مسعود . .

ثم قال - رحمه الله - بعد أن ذكر شبهات المنكرين لحادث الانشقاق : والحاصل أنه ليس عند المنكر سوى الاستبعاد ، ولا يستطيع أن يأتى بدليل على الاستحالة الذاتية ولو انشق ، والاستبعاد فى مثل هذه المقامات قريب من الجنون . عند من له عقل سليم .


[1]:- سورة إبراهيم: الآية 1.
 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير سورة القمر {[1]}

وهي مكية .

قد تقدم في حديث أبي واقد{[2]} : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بقاف ، واقتربت الساعة ، في الأضحى والفِطْر ، وكان يقرأ بهما في المحافل الكبار ، لاشتمالهما على ذكر الوعد والوعيد وبدء الخلق وإعادته ، والتوحيد وإثبات النبوات ، وغير ذلك من المقاصد العظيمة .

يخبر تعالى عن اقتراب الساعة وفراغ الدنيا وانقضائها . كما قال تعالى : { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [ سُبْحَانَهُ ] } [ النحل : 1 ] ، {[27731]} وقال : { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ } [ الأنبياء : 1 ] وقد وردت الأحاديث بذلك ، قال الحافظ أبو بكر البزار :

حدثنا محمد بن المثنى وعمرو بن علي قالا حدثنا خلف بن موسى ، حدثني أبي ، عن قتادة ، عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خَطَبَ أصحابه ذات يوم ، وقد كادت الشمس أن تغرب فلم يبق منها إلا شِفٌّ {[27732]} يسير ، فقال : " والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه ، وما نرى من الشمس إلا يسيرا " {[27733]} .

قلت : هذا حديث مداره على خلف بن موسى بن خلف العَمِّيّ ، عن أبيه . وقد ذكره ابن حِبَّان في الثقات ، وقال : ربما أخطأ .

حديث آخر يعضد الذي قبله ويفسره ، قال الإمام أحمد : حدثنا الفضل بن دُكَيْن ، حدثنا شريك ، حدثنا سلمة بن كُهَيْل ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم والشمس على قُعَيْقِعان بعد العصر ، فقال : " ما أعماركم في أعمار من مضى إلا كما بقي من النهار فيما مضى " {[27734]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا حسين ، حدثنا محمد بن مُطَرِّف ، عن أبي حازم ، عن سهل بن سعد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " بُعِثتُ والساعة {[27735]} هكذا " . وأشار بإصبعيه : السبابة والوسطى .

أخرجاه من حديث أبي حازم سلمة بن دينار {[27736]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن عُبَيد ، حدثنا الأعمش ، عن أبي خالد ، عن وهب السَّوَائي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بعثت أنا والساعة كهذه من هذه إن كادت لتسبقها{[27737]} " وجمع الأعمش بين السبابة والوسطى{[27738]} .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا الأوزاعي ، حدثنا إسماعيل بن عبيد{[27739]} الله ، قال : قدم أنس بن مالك على الوليد بن عبد الملك فسأله : ماذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر به الساعة ؟ فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أنتم والساعة كهاتين " .

تفرد به أحمد ، رحمه الله{[27740]} . وشاهد ذلك أيضا في الصحيح في أسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم : أنه الحاشر الذي يُحْشَرُ الناس على قدميه .

وقال الإمام أحمد : حدثنا بَهْزُ بن أسد ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، حدثنا حميد بن هلال ، عن خالد بن عمير قال : خطب عتبة بن غَزْوَان - قال بهز : وقال قبل هذه المرة - خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : " أما بعد ، فإن الدنيا قد آذنت بصَرْمٍ وولت حذاء ، ولم يبق منها إلا صُبَابة كصبابة الإناء يتصابها صاحبها ، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها ، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم ، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يُلقَى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما {[27741]} ما يدرك لها قعرًا ، والله لتملؤنه ، أفعجبتم ! والله لقد ذكر لنا أن ما بين مِصْرَاعَي الجنة مسيرة أربعين عاما ، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام " وذكر تمام الحديث ، انفرد به مسلم {[27742]} .

وقال أبو جعفر بن جرير : حدثني يعقوب ، حدثني ابن عُلَيَّةَ ، أخبرنا عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي قال : نزلنا المدائن فكنا منها على فَرْسَخ ، فجاءت{[27743]} الجمعة ، فحضر أبي وحضرت معه فخطبنا حذيفة فقال : ألا إن الله يقول : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } ، ألا وإن الساعة قد اقتربت ، ألا وإن القمر قد انشق ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق ، ألا وإن اليوم المضمار ، وغدا السباق ، فقلت لأبي : أيستبق الناس غدا ؟ فقال : يا بني إنك لجاهل ، إنما هو السباق بالأعمال .

ثم جاءت الجمعة الأخرى فحضرنا فخطب حذيفة ، فقال : ألا إن الله ، عز وجل يقول : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } ، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق ، ألا وإن اليوم المضمار وغدا السباق ، ألا وإن الغاية النار ، والسابق من سبق إلى الجنة {[27744]} .

وقوله : { وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } : قد كان هذا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما ثبت ذلك في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة . وقد ثبت في الصحيح عن ابن مسعود أنه قال : " خمس قد مضين : الروم ، والدخان ، واللزام ، والبطشة ، والقمر " {[27745]} . وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أي انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات .

ذكر الأحاديث الواردة في ذلك :

رواية أنس بن مالك :

قال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا مَعْمَر ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية ، فانشق القمر بمكة مرتين ، فقال : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } .

ورواه مسلم ، عن محمد بن رافع ، عن عبد الرزاق {[27746]} .

وقال البخاري : حدثني عبد الله بن عبد الوهاب ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا سعيد بن أبي عَرُوبة ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك ، أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية ، فأراهم القمر شِقَّين ، حتى رأوا حِرَاء بينهما {[27747]} .

وأخرجاه أيضا من حديث يونس بن محمد المؤدّب ، عن شيبان ، عن قتادة {[27748]} . ورواه مسلم أيضا من حديث أبي داود الطيالسي ، ويحيى القطان ، وغيرهما ، عن شعبة ، عن قتادة ، به {[27749]} .

رواية جبير بن مطعم رضي الله عنه :

قال الإمام أحمد : حدثنا محمد بن كثير ، حدثنا سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار فرقتين : فرقة على هذا الجبل ، وفرقة على هذا الجبل ، فقالوا : سحرنا محمد . فقالوا : إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم .

تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه ، وأسنده البيهقي في " الدلائل " من طريق محمد بن كثير ، عن أخيه سليمان بن كثير ، عن حصين بن عبد الرحمن ، [ به ]{[27750]} {[27751]} . وهكذا رواه ابن جرير {[27752]} من حديث محمد بن فضيل وغيره ، عن حصين ، به {[27753]} . ورواه البيهقي أيضا من طريق إبراهيم بن طَهْمَان وهُشَيْم ، كلاهما عن حُصَين عن جبير بن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن جده فذكره {[27754]} .

رواية عبد الله بن عباس [ رضي الله عنهما ] {[27755]}

قال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير ، حدثنا بكر ، عن جعفر ، عن عِرَاك بن مالك ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن ابن عباس قال : انشق القمر في زمان رسول{[27756]} الله صلى الله عليه وسلم {[27757]} .

ورواه البخاري أيضا ومسلم ، من حديث بكر بن مضر ، عن جعفر بن ربيعة ، عن عِرَاك [ بن مالك ] {[27758]} ، به مثله {[27759]} .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن مثنى ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا داود بن أبي هند ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ . وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } قال : قد مضى ذلك ، كان قبل الهجرة ، انشق القمر حتى رأوا شقيه .

وروى العَوْفي ، عن ابن عباس نحو هذا .

وقال الطبراني : حدثنا أحمد بن عمرو البزار ، حدثنا محمد بن يحيى القُطَعِي ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا ابن جريج ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : كُسِفَ القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : سُحِر القمر . فنزلت : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } إلى قوله : { مستمر } .

رواية عبد الله بن عمر :

قال الحافظ أبو بكر البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي قالا حدثنا أبو العباس الأصم ، حدثنا العباس بن محمد الدّوري ، حدثنا وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمر في قوله تعالى : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } قال : وقد كان ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انشق فِلْقَتَين : فِلْقَة من دون الجبل ، وفلقة من خلف الجبل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم اشهد " .

وهكذا رواه مسلم ، والترمذي ، من طرق عن شعبة ، عن الأعمش ، عن مجاهد ، به{[27760]} . قال مسلم كرواية مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود . وقال الترمذي : حسن صحيح .

رواية عبد الله ابن مسعود :

قال الإمام أحمد : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد ، عن أبي مَعْمَر ، عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقين حتى نظروا إليه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اشهدوا " .

وهكذا رواه البخاري ومسلم ، من حديث سفيان بن عيينة ، به{[27761]} . وأخرجاه من حديث الأعمش ، عن إبراهيم ، عن أبي معمر عبد الله بن سَخْبَرَة ، عن ابن مسعود ، به{[27762]} .

وقال ابن جرير : حدثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرملي ، حدثنا عمي يحيى بن عيسى ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن رجل ، عن عبد الله ، قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى فانشق القمر ، فأخذت فرقة خلف الجبل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشهدوا ، اشهدوا " {[27763]} .

قال البخاري : وقال أبو الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله : بمكة{[27764]} .

وقال أبو داود الطيالسي : حدثنا أبو عوانة ، عن المغيرة ، عن أبي الضُّحَى ، عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت قريش : هذا سحر ابن أبي كبشة . قال : فقالوا : انظروا ما يأتيكم به السّفَّار ، فإن محمدًا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم . قال : فجاء السّفَّار فقالوا : ذلك {[27765]} .

وقال البيهقي : أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ، أخبرنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا العباس بن محمد الدَّوْري ، حدثنا سعيد بن سليمان ، حدثنا هُشَيْم ، حدثنا مغيرة ، عن أبى الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله ، قال : انشق القمر بمكة حتى صار فرقتين ، فقال كفار قريش أهل مكة : هذا سحر سحركم به ابن أبي كَبْشَة ، انظروا السفار ، فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق ، وإن كانوا لم يروا مثل ما رأيتم فهو سِحْرٌ سحركم به . قال : فسئل السفار ، قال : وقدموا من كل وجهة ، فقالوا : رأيناه .

رواه ابن جرير من حديث المغيرة ، به {[27766]} . وزاد : فأنزل الله عز وجل : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } . ثم قال ابن جرير :

حدثني يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا ابن عُلَيَّة ، أخبرنا أيوب ، عن محمد - هو ابن سيرين - قال : نبئت أن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، كان يقول : لقد انشق القمر{[27767]} .

وقال ابن جرير أيضا : حدثني محمد بن عمارة ، حدثنا عمرو بن حماد ، حدثنا أسباط ، عن سماك ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله قال : لقد رأيت الجبل من فَرْج القمر حين انشق .

ورواه الإمام أحمد عن مُؤَمَّل ، عن إسرائيل ، عن سِمَاك ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عبد الله ، قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى رأيت الجبل من بين فرجتي القمر{[27768]} .

وقال ليث عن مجاهد : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار فرقتين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : " اشهد يا أبا بكر " . فقال المشركون : سُحِر القمر حتى انشق {[27769]} .


[1]:زيادة من أ.
[2]:ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ كما في الدر (3/270).
[27731]:- (3) زيادة من أ.
[27732]:- (4) في أ: "شيء".
[27733]:- (5) رواه الطبري في تاريخه (1/11) حدثنا ابن بشار ومحمد بن المثنى عن خلف بن موسى به.قال الهيثمي في المجمع (10/311): "رواه البزار من طريق خلف بن موسى عن أبيه وقد وثقا".
[27734]:- (6) المسند (2/115).
[27735]:- (1) في م: "بعثت أنا والساعة".
[27736]:- (2) المسند (5/388) وصحيح البخاري برقم (6503) وصحيح مسلم برقم (2950).
[27737]:- (3) في م، أ: "لتسبقني".
[27738]:- (4) المسند (4/309).
[27739]:- (5) في أ: "عبد".
[27740]:- (6) المسند (3/223).
[27741]:- (7) في م: "خريفا".
[27742]:- (8) المسند (4/174) وصحيح مسلم برقم (2967).
[27743]:- (9) في أ: "حانت".
[27744]:- (1) تفسير الطبري (27/51).
[27745]:- (2) صحيح البخاري برقم (4767).
[27746]:- (3) المسند (3/165) وصحيح مسلم برقم (2802).
[27747]:- (4) صحيح البخاري برقم (3868).
[27748]:- (5) صحيح البخاري برقم (4867) وصحيح مسلم برقم (2802).
[27749]:- (6) صحيح مسلم برقم (2802) ورواه البخاري في صحيحه برقم (4868) من طريق يحيى عن شعبة به.
[27750]:- (1) زيادة من م.
[27751]:- (2) المسند (4/81) ودلائل النبوة للبيهقي (2/268).
[27752]:- (3) في أ: "جبير".
[27753]:- (4) تفسير الطبري (27/51).
[27754]:- (5) دلائل النبوة (2/268).
[27755]:- (6) زيادة من م.
[27756]:- (7) في م، أ: "النبي".
[27757]:- (8) صحيح البخاري برقم (4866).
[27758]:- (9) زيادة من أ.
[27759]:- (10) صحيح البخاري برقم (3638) وصحيح مسلم برقم (2803).
[27760]:- (1) دلائل النبوة للبيهقي (2/267) وصحيح مسلم برقم (2801) وسنن الترمذي برقم (3288).
[27761]:-(2) المسند (1/377) وصحيح البخاري برقم (4865) وصحيح مسلم برقم (2800).
[27762]:- (3) صحيح البخاري برقم (4864) وصحيح مسلم برقم (2800).
[27763]:- (4) تفسير الطبري (27/50).
[27764]:- (5) صحيح البخاري برقم (295).
[27765]:- (6) مسند الطيالسي برقم (295).
[27766]:- (7) دلائل النبوة للبيهقي (2/266) وتفسير الطبري (27/50).
[27767]:- (1) تفسير الطبري (27/51).
[27768]:- (2) المسند (1/413).
[27769]:- (3) تفسير الطبري (27/51).
 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ} (1)

مقدمة السورة:

( 54 ) سورة القمر مكية

وآياتها خمس وخمسون

تفسير سورة القمر{[1]}

وهي مكية بإجماع إلا آية واحدة اختلف فيها ، فقال جمهور الناس : هي مكية ، وقال قوم : هي مما نزل يوم بدر ، وقيل : بالمدينة ، وهي قوله تعالى :{ سيهزم الجمع ويولون الدبر }{[2]} ، وسيأتي القول في ذلك .

{ اقتربت } معناه : قربت إلا أنه أبلغ ، كما أن اقتدر أبلغ من قدر . و : { الساعة } القيامة وأمرها مجهول التحديد لم يعلم ، إلا أنها قربت دون تحديد ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «بعثت أنا والساعة كهاتين » ، وأشار بالسبابة والوسطى{[10751]} . وقال أنس : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كادت الشمس تغيب فقال : «ما بقي من الدنيا فيما مضى إلا كمثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى »{[10752]} .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «إني لأرجو أن يؤخر الله أمتي نصف يوم »{[10753]} وهذا منه على جهة الرجاء والظن لم يجزم به خبراً ، فأناب الله به على أمله وأخر أمته أكثر من رجائه ، وكل ما يروى عن عمر الدنيا من التحديد فضعيف واهن .

وقوله : { انشق القمر } إخبار عما وقع في ذلك ، وذكر الثعلبي أنه قيل إن المعنى ينشق القمر يوم القيامة ، وهذا ضعيف الأمة على خلافه ، وذلك أن قريشاً سألت رسول الله آية فقيل مجملة ، وهذا قول الجمهور ، وقيل بل عاينوا شق القمر ، ذكره الثعلبي عن ابن عباس فأراهم الله انشقاق القمر ، فرآه رسول الله وجماعة من المسلمين والكفار ، فقال رسول الله «اشهدوا »{[10754]} وممن قال من الصحابة رأيته : عبد الله بن مسعود وجبير بن مطعم وأخبر به عبد الله بن عمر وأنس وابن عباس وحذيفة بن اليمان ، وقال المشركون عند ذلك : سحرنا محمد . وقال بعضهم : سحر القمر وقالت قريش استخبروا المسافرين القادمين عليكم ، فما ورد أحد إلا أخبر بانشقاقه وقال ابن مسعود : رأيته انشق فذهبت فرقة وراء جبل حراء ، وقال ابن زيد : كان يرى نصفه على ُقَعْيِقَعان والآخر على أبي قبيس . وقرأ حذيفة : «اقتربت الساعة وقد انشق القمر » ، وذكر الثعلبي عنه أن قراءته : «اقتربت الساعة انشق القمر » دون واو .


[1]:- أي فيمن نزلت، أفي المؤمنين جميعا أم في مؤمني أهل الكتاب؟
[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[10751]:أخرجه الإمام أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، عن أنس رضي الله عنه، وأخرجه الأئمة أحمد، والبخاري، ومسلم عن سهل بن سعد، ذكر ذلك الإمام السيوطي في "الجامع الصغير" ورمز له بأنه حديث صحيح.
[10752]:رواه الحافظ البزار بسنده عن قتادة عن أنس، وقال ابن كثير بعد أن ذكر الحديث بسنده:"قلت: هذا حديث مداره على خلف بن موسى بن خلف العمي عن أبيه، وقد ذكره ابن حبان في الثقاة، وقال: ربما أخطأ"، ثم أورد حديثا آخر رواه الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما، وقال: إنه يعضد الذي قبله، ولفظه كما في مسند أحمد:(كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس على قُعيقعان بعد العصر، فقال: ما أعماركم في أعمار من مضى إلا كما بقي من النهار فيما مضى).
[10753]:أخرجه أبو داود في الملاحم، وأحمد في مسنده(1-170)، ولفظه كما في المسند عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(إني لأرجو ألا يعجز أمتي عند ربي أن يؤخرهم نصف يوم)، فقيل لسعد: وكم نصف اليوم؟ قال: خمسمائة سنة.
[10754]:أخرجه عبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وابن جرير، وابن مردويه-من طريق أبي معمر- عن ابن مسعود، قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين: فرقة فوق الجبل وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اشهدوا، وأخرج مثله ابن مردويه، وأبو نعيم في الدلائل-من طريق علقمة- عن ابن مسعود، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى، فانشق القمر حتى صار فرقتين، فتوارت فرقة خلف الجبل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اشهدوا، وأخرج مثله مسلم، والترمذي، وابن جرير وابن المنذر، وابن مردويه، والحاكم، والبيهقي، وأبو نعيم في الدلائل-من طريق مجاهد- عن ابن عمر، وفي آخره قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اشهد، وأخرج أبو نعيم في الحلية- من طريق عطاء، والضحاك- عن ابن عباس...مثله، إلا أنه ذكر أسماء الكفار الذين طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم آية.