الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ} (1)

مقدمة السورة:

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

سورة القمر، مكية.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

سورة اقتربت (القمر) مكية في قول الجمهور، وقال مقاتل: إلا ثلاث آيات من قوله" "أم يقولون نحن جميع منتصر" إلى قوله "والساعة أدهى وأمرّ".

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

مكية بلا خلاف.

زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي 597 هـ :

وقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اشهدوا". وقد روى حديث الانشقاق جماعة، منهم عبد الله بن عمر، وحذيفة، وجبير بن مطعم، وابن عباس، وأنس بن مالك، وعلى هذا جميع المفسرين، إلا أن قوما شذوا فقالوا: سينشق يوم القيامة. [ينظر: صحيح البخاري. كتاب المناقب. باب: سؤال المشركين أن يريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية، فأراهم انشقاق القمر]

البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ :

وسبب نزولها أن مشركي قريش قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: إن كنت صادقاً فشق لنا القمر فرقتين، ووعدوه بالإيمان إن فعل. وكانت ليلة بدر، فسأل ربه، فانشق القمر نصف على الصفا ونصف على قعيقعان. فقال أهل مكة: آية سماوية لا يعمل فيها السحر. فقال أبو جهل: اصبروا حتى تأتينا أهل البوادي، فإن أخبروا بانشقاقه فهو صحيح، وإلا فقد سحر محمد أعيننا. فجاءوا فأخبروا بانشقاق القمر، فأعرض أبو جهل وقال: {سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

هذه السورة من مطلعها إلى ختامها حملة رعيبة مفزعة عنيفة على قلوب المكذبين بالنذر، بقدر ما هي طمأنينة عميقة وثيقة للقلوب المؤمنة المصدقة. وهي مقسمة إلى حلقات متتابعة، كل حلقة منها مشهد من مشاهد التعذيب للمكذبين، يأخذ السياق في ختامها بالحس البشري فيضغطه ويهزه ويقول له: (فكيف كان عذابي ونذر؟).. ثم يرسله بعد الضغط والهز ويقول له: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر؟). ومحتويات السورة الموضوعية واردة في سور مكية شتى. فهي مشهد من مشاهد القيامة في المطلع، ومشهد من هذه المشاهد في الختام. وبينهما عرض سريع لمصارع قوم نوح. وعاد وثمود. وقوم لوط. وفرعون وملئه. وكلها موضوعات تزخر بها السور المكية في صور شتى. ولكن هذه الموضوعات ذاتها تعرض في هذه السورة عرضا خاصا، يحيلها جديدة كل الجدة. فهي تعرض عنيفة عاصفة، وحاسمة قاصمة؛ يفيض منها الهول، ويتناثر حولها الرعب، ويظللها الدمار والفزع والانبهار! وأخص ما يميزها في سياق السورة أن كلا منها يمثل حلقة عذاب رهيبة سريعة لاهثة مكروبة. يشهدها المكذبون، وكأنما يشهدون أنفسهم فيها، ويحسون إيقاعات سياطها. فإذا انتهت الحلقة وبدأوا يستردون أنفاسهم اللاهثة المكروبة عاجلتهم حلقة جديدة أشد هولا ورعبا.. وهكذا حتى تنتهي الحلقات السبعة في هذا الجو المفزع الخانق. فيطل المشهد الأخير في السورة. وإذا هو جو آخر، ذو ظلال أخرى. وإذا هو الأمن والطمأنينة والسكينة. إنه مشهد المتقين: (إن المتقين في جنات ونهر. في مقعد صدق عند مليك مقتدر) في وسط ذلك الهول الراجف، والفزع المزلزل، والعذاب المهين للمكذبين: (يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر) فأين وأين؟ مشهد من مشهد؟ ومقام من مقام؟ وقوم من قوم؟ ومصير من مصير؟

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

... ذكر بعض المفسرين أن انشقاق القمر كان سنة خمس قبل الهجرة، وعن ابن عباس كان بين نزول آية {سيهزم الجمع ويولون الدبر} وبين بدر سبع سنين.، فأنزل الله عز وجل {اقتربت الساعة وانشق القمر} الآيات. وكان نزولها في حدود سنة خمس قبل الهجرة، ففي الصحيح أن عائشة قالت: أنزل على محمد بمكة وإني لجارية ألعب {بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر}. وكانت عقد عليها في شوال قبل الهجرة بثلاث سنين، أي في أواخر سنة أربع قبل الهجرة بمكة، وعائشة يومئذ بنت ست سنين...

أغراض هذه السورة: تسجيل مكابرة المشركين في الآيات المبينة، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالإعراض عن مكابرتهم. وإنذارهم باقتراب القيامة وبما يلقونه حين البعث من الشدائد. وتذكيرهم بما لقيته الأمم أمثالهم من عذاب الدنيا لتكذيبهم رسل الله وأنهم سيلقون مثل ما لقي أولئك إذ ليسوا خيرا من كفار الأمم الماضية. وإنذارهم بقتال يهزمون به، ثم لهم عذاب الآخرة وهو أشد. وإعلامهم بإحاطة الله علما بأفعالهم وأنه مجازيهم شر الجزاء ومجاز المتقين خير الجزاء. وإثبات البعث، ووصف بعض أحواله. وفي خلال ذلك تكرير التنويه بهدي القرآن وحكمته.

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

وهي من السور التي أريد لها أن تهز الروح والقلب والشعور، وتحرّك العقل والوجدان في اتجاه الإحساس بما يمكن أن يواجه الإنسان في الدار الآخرة من مصير مرعب للمكذبين بالرسل والرسالات، المشركين بالله في العقيدة والعبادة، أو من مصير مفرح في نعيم الله ورضوانه ولطفه ورحمته للمؤمنين المتقين المجاهدين في سبيله.

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

محتوى السورة: تحوي هذه السّورة خصوصيات السور المكيّة التي تتناول الأبحاث الأساسيّة حول المبدأ والمعاد، وخصوصاً العقوبات التي نزلت بالأمم السالفة، وذلك نتيجة عنادهم ولجاجتهم في طريق الكفر والظلم والفساد ممّا أدّى بها الواحدة تلو الأخرى إلى الابتلاء بالعذاب الإلهي الشديد، وسبّب لهم الدمار العظيم. ونلاحظ في هذه السورة تكرار قوله تعالى: (ولقد يسّرنا القرآن للذكر فهل من مدّكر) وذلك بعد كلّ مشهد من مشاهد العذاب الذي يحلّ بالأمم لكي يكون درساً وعظة للمسلمين والكفّار. ويمكن تلخيص أبحاث هذه السورة في عدّة أقسام هي: 1 تبدأ السورة بالحديث عن قرب وقوع يوم القيامة، وموضوع شقّ القمر، وإصرار وعناد المخالفين في إنكار الآيات الإلهيّة. 2 والقسم الثاني يبحث بتركيز واختصار عن أوّل قوم تمرّدوا على الأوامر الإلهية، وهم قوم نوح، وكيفيّة نزول البلاء عليهم.

أمّا القسم الثالث فإنّه يتعرّض إلى قصّة قوم «عاد» وأليم العذاب الذي حلّ بهم.

وفي القسم الرابع تتحدّث الآيات عن قوم «ثمود» ومعارضتهم لنبيّهم صالح (عليه السلام) وبيان معجزة الناقة، وأخيراً ابتلاؤهم بالصيحة السماوية. 5 تتطرّق الآيات بعد ذلك إلى الحديث عن قوم «لوط» ضمن بيان واف لانحرافهم الأخلاقي... ثمّ عن السخط الإلهي عليهم وابتلائهم بالعقاب الربّاني. 6 وفي القسم السادس تركّز الآيات الكريمة بصورة موجزة الحديث عن آل فرعون، وما نزل بهم من العذاب الأليم جزاء كفرهم وضلالهم.

وفي القسم الأخير تعرض مقارنة بين هذه الأمم ومشركي مكّة ومخالفي الرّسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) والمستقبل الخطير الذي ينتظر مشركي مكّة فيما إذا استمرّوا على عنادهم وإصرارهم في رفض الدعوة الإلهيّة. وتنتهي السورة ببيان صور ومشاهد من معاقبة المشركين، وجزاء وأجر المؤمنين والمتّقين. وسورة القمر تتميّز آياتها بالقصر والقوّة والحركية.

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{اقتربت الساعة} يعني القيامة، ومن علامة ذلك، خروج النبي صلى الله عليه وسلم، والدخان، وانشقاق القمر، وذلك أن كفار مكة سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية، فانشق القمر نصفين، فقالوا: هذا عمل السحرة.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يعني تعالى ذكره بقوله:"اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ": دنت الساعة التي تقوم فيها القيامة... وهذا من الله تعالى ذكره إنذار لعباده بدنوّ القيامة، وقرب فناء الدنيا، وأمر لهم بالاستعداد لأهوال القيامة قبل هجومها عليهم، وهم عنها في غفلة ساهون. وقوله: "وَانْشَقّ القَمَرُ "يقول جلّ ثناؤه: وانفلق القمر، وكان ذلك فيما ذُكر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة، قبل هجرته إلى المدينة، وذلك أن كفار أهل مكة سألوه آية، فأراهم صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر، آية حجة على صدق قوله، وحقيقة نبوته، فلما أراهم أعرضوا وكذّبوا، وقالوا: هذا سحر مستمرّ، سحرنا محمد، فقال الله جلّ ثناؤه "وَإنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ".

أحكام القرآن للجصاص 370 هـ :

قوله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ} دلالةٌ على صحة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن الله لا يقلب العادات بمثله إلا ليجعله دلالة على صحة نبوّة النبي صلى الله عليه وسلم...

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

والمراد بالساعة القيامة، وفي تسميتها بالساعة وجهان:

أحدهما: لسرعة الأمر فيها.

الثاني: لمجيئها في ساعة من يومها.

{وَانشَقَّ القَمَرُ} فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: معناه: وضح الأمر وظهر، والعرب تضرب بالقمر مثلاً فيما وضح أمره، والثاني: أن انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه بطلوعه في أثنائها كما يسمى الصبح فلقاً لانفلاق الظلمة عنه، وقد يعبر عن انفلاقه بانشقاقه.

الثالث: أنه انشقاق القمر على حقيقة انشقاقه.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{اقتربت} معناه: قربت إلا أنه أبلغ، كما أن اقتدر أبلغ من قدر. و: {الساعة} القيامة وأمرها مجهول التحديد لم يعلم، إلا أنها قربت دون تحديد، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين»، وأشار بالسبابة والوسطى. وقال أنس: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كادت الشمس تغيب فقال: «ما بقي من الدنيا فيما مضى إلا كمثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى»... وكل ما يروى عن عمر الدنيا من التحديد فضعيف واهن.

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

وقد ثبت بنقل الآحاد العدول أن القمر انشق بمكة، وهو ظاهر التنزيل، ولا يلزم أن يستوي الناس فيها؛ لأنها كانت آية ليلية، وأنها كانت باستدعاء النبي صلى الله عليه وسلم من الله تعالى عند التحدي.

روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :

والظاهر أن المراد باقتراب الساعة القرب الشديد الزماني، وكل آت قريب، وزمان العالم مديد، والباقي بالنسبة إلى الماضي شيء يسير، وحاصله أنها ممكنة إمكاناً قريباً لا ينبغي لأحد إنكارها، واستعمال الاقتراب مع أنه أمر مقطوع به كاستعمال {لَعَلَّ} في قوله تعالى: {لَعَلَّ الساعة تَكُونُ قَرِيباً} [الأحزاب: 63] مع أن الأمر معلوم عند الله تعالى وانشقاق القمر آية ظاهرة على هذا القرب...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهو حادث واجه به القرآن المشركين في حينه؛ ولم يرو عنهم تكذيب لوقوعه؛ فلا بد أن يكون قد وقع فعلا بصورة يتعذر معها التكذيب، ولو على سبيل المراء الذي كانوا يمارونه في الآيات، لو وجدوا منفذا للتكذيب. وكل ما روي عنهم أنهم قالوا: سحرنا! ولكنهم هم أنفسهم اختبروا الأمر، فعرفوا أنه ليس بسحر؛ فلئن كان قد سحرهم فإنه لا يسحر المسافرين خارج مكة الذين رأوا الحادث وشهدوا به حين سئلوا عنه. بقيت لنا كلمة في الرواية التي تقول: إن المشركين سألوا النبي [صلى الله عليه وسلم] آية. فانشق القمر. فإن هذه الرواية تصطدم مع مفهوم نص قرآني مدلوله أن الرسول [صلى الله عليه وسلم] لم يرسل بخوارق من نوع الخوارق التي جاءت مع الرسل قبله...

فأما ما وقع فعلا للرسول [صلى الله عليه وسلم] من خوارق شهدت بها روايات صحيحة فكان إكراما من الله لعبده، لا دليلا لإثبات رسالته.. ومن ثم نثبت الحادث -حادث انشقاق القمر- بالنص القرآني وبالروايات المتواترة التي تحدد مكان الحادث وزمانه وهيئته. ونتوقف في تعليله الذي ذكرته بعض الروايات. ونكتفي بإشارة القرآن إليه مع الإشارة إلى اقتراب الساعة. باعتبار هذه الإشارة لمسة للقلب البشري ليستيقظ ويستجيب.. وانشقاق القمر إذن كان آية كونية يوجه القرآن القلوب والأنظار إليها، كما يوجهها دائما إلى الآيات الكونية الأخرى؛ ويعجب من أمرهم وموقفهم إزاءها، كما يعجب من مواقفهم تجاه آيات الله الكونية الأخرى ....

(وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا: سحر مستمر. وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر. ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر. حكمة بالغة فما تغني النذر). ولقد أعرضوا وقالوا: سحرنا، وهم يرون آية الله في انشقاق القمر. وكان هذا رأيهم مع آية القرآن. فقالوا: سحر يؤثر. فهذا قولهم كلما رأوا آية. ولما كانت الآيات متوالية متواصلة، فقد قالوا: إنه سحر مستمر لا ينقطع، معرضين عن تدبر طبيعة الآيات وحقيقتها، معرضين كذلك عن دلالتها وشهادتها.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

من عادة القرآن أن ينتهز الفرصة لإِعادة الموعظة والتذكير حتى يتضاءل تعلق النفوس بالدنيا، وتُفكّر فيما بعد الموت وتُعير آذانها لداعي الهدى...

فتصدير السورة ب {اقتربت الساعة} للاهتمام بالموعظة...

إذ قد تقرر المقصود من تصديق المعجزة. فجعلت تلك المعجزة وسيلة للتذكير باقتراب الساعة على طريقة الإِدماج بمناسبة أن القمر كائن من الكائنات السماوية ذات النظام المساير لنظام الجو الأرضي فلما حدث تغير في نظامه لم يكن مألوفاً ناسب تنبيه الناس للاعتبار بإمكان اضمحلال هذا العالم، وكان فعل الماضي مستعملاً في حقيقته...

. {وانشق} مطاوع شقه، والشق: فرج وتفرّق بين أديم جسم مَّا بحيث لا تنفصل قطعة مجموع ذلك الجسم عن البقية، ويُسمى أيضاً تصدعاً كما يقع في عُود أو جدار. فإطلاق الانشقاق على حدوث هوة في سطح القمر إطلاق حقيقي وإطلاقه على انطماس بعض ضوئه استعارة، وإطلاقه على تفرقة نصفين مجاز مرسل. والاقتراب أصله صيغة مطاوعة، أي قبول فعل الفاعل، وهو هنا للمبالغة في القرب فإن حمل على حقيقة القرب فهو قرب اعتباري، أي قرب حلول الساعة فيما يأتي من الزمان قرباً نسبياً بالنسبة لما مضى من الزمان ابتداء من خلق السماء والأرض على نحو قول النبي صلى الله عليه وسلم. وفائدة هذا الاعتبار أن يقبل الناس على نبذ الشرك وعلى الاستكثار من الأعمال الصالحات واجتناب الآثام لقرب يوم الجزاء.

والساعة: علم بالغلبة على وقت فناء هذا العالم. ويجوز أن يراد بالساعة ساعة معهودة أنذروا بها في آيات كثيرة وهي ساعة استئصال المشركين بسيوف المسلمين. وإن حمل القرب على المجاز، أي الدلالة على الإمكان، فالمعنى: اتضح للناس ما كانوا يجدونه محالاً من فناء العالم فإن لحصول المُثُل والنظائر إقناعاً بإمكان أمثالها التي هي أقوى منها...

تفسير من و حي القرآن لحسين فضل الله 1431 هـ :

{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ}. هل الحديث عن اقتراب الساعة هو حديثٌ يطال مرحلة نزول القرآن، ليكون المقصود منه توجيه القلب إلى مراقبة الزمن وتأمل أفول الدنيا واقتراب يوم القيامة في كل يوم يذهب، وفي كل مرحلةٍ تنقضي، ليستعد الإنسان لمواجهة يوم القيامة بالموقف المسؤول في الدنيا الذي ينفتح على الآخرة؟

أو هو حديثٌ عن المرحلة التي تسبق نهاية الدنيا، ليكون الحديث عن المستقبل بصيغة الماضي، على أساس أنَّ تحقّق الحديث في المستقبل يجعله بمنزلة الحقيقة الحادثة؟

كلا الاحتمالين وارد، وهو في كلٍّ منهما جزء من الأسلوب القرآني الذي يجعل يوم القيامة عنواناً متحركاً في الفكر والحس والوجدان، ليكون الغاية التي يتطلع الناس إلى الوصول إليها في أمانٍ وسلام.