معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

قوله تعالى : { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } . " يوم " نصب على الظرف ، أي في يوم ، وانتصاب الظرف على التشبيه بالمفعول ، يريد تبيض وجوه المؤمنين ، وتسود وجوه الكافرين ، وقيل تبيض وجوه المخلصين ، وتسود وجوه المنافقين . وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ هذه الآية قال تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدعة .

قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : إذا كان يوم القيامة رفع لكل قوم ما كانوا يعبدونه ، فيسعى كل قوم إلى ما كانوا يعبدونه ، وهو قوله تعالى( نوله ما تولى ) فإذا انتهوا إليه حزنوا ، فتسود وجوههم من الحزن ، وبقي أهل القبلة واليهود والنصارى لم يعرفوا شيئاً مما رفع لهم ، فيأتيهم الله فيسجد له من كان يسجد في الدنيا مطيعاً مؤمناً ، ويبقى أهل الكتاب والمنافقون لا يستطيعون السجود ، ثم يؤذن لهم فيرفعون رؤوسهم وجوه المؤمنين مثل الثلج بياضا ، ً والمنافقون وأهل الكتاب إذا نظروا إلى وجوه المؤمنين حزنوا حزناً شديداً ، فاسودت وجوههم ، فيقولون : ربنا مالنا مسودة وجوهنا ؟ فو الله ما كنا مشركين . فيقول الله للملائكة : انظروا كيف كذبوا على أنفسهم ، قال أهل المعاني : بياض الوجوه : إشراقها واستبشارها وسرورها بعملها وبثواب الله . واسودادها : حزنها وكآبتها وكسوفها بعملها وبعذاب الله . يدل عليه قوله تعالى( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة ) . وقال تعالى( والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة ) وقال( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ووجوه يومئذ باسرة ) وقال ( وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ووجوه يومئذ عليها غبرة ) .

قوله تعالى : { فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم } . معناه : يقال لهم : أكفرتم بعد إيمانكم ( فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ) . فإن قيل : كيف قال ( أكفرتم بعد إيمانكم ) . وهم لم يكونوا مؤمنين ؟ قيل : حكي عن أبي بن كعب أنه قال : أراد به الإيمان يوم الميثاق ، حين قال لهم ربهم ( ألست بربكم ؟ قالوا :بلى ) . يقول : ( أكفرتم بعد إيمانكم ) . يوم الميثاق . وقال الحسن : هم المنافقون تكلموا بالإيمان بألسنتهم ، وأنكروا بقلوبهم . وقال عكرمة : أنهم أهل الكتاب ، آمنوا بأنبيائهم وبمحمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث ، فلما بعث كفروا به . وقال قوم : هم من أهل قبلتنا ، وقال أبو أمامة : هم الخوارج . وقال قتادة : هم أهل البدع .

أخبرنا عبد الواحد بن احمد المليحي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أخبرنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل أنا سعيد بن أبي مريم ، عن نافع بن عمر ، حدثني ابن أبي مليكة ، عن أسماء بنت أبي بكر ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم وسيؤخذ ناس دوني ، فأقول : يا رب مني ومن أمتي ، فيقال : لي هل شعرت بما عملوا بعدك ؟ فوالله مابرحوا يرجعون على أعقابهم " .

وقال الحارث الأعور : سمعت علياً رضي الله عنه على المنبر يقول : إن الرجل ليخرج من أهله فما يعود إليهم حتى يعمل عملاً يستوجب به الجنة ، وإن الرجل ليخرج من أهله فما يؤوب إليهم حتى يعمل عملاً يستوجب به النار ، ثم قرأ ( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ) الآية ، ثم نادى هم الذين كفروا بعد الإيمان ورب الكعبة .

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الحزقي ، أخبرنا أبو الحسن الطيسفوني ، أنا عبد الله بن عمر الجوهري ، أخبرنا أحمد بن علي الكشمهيني ، أنا علي بن حجر ، أنا إسماعيل بن جعفر ، عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع دينه بعرض من الدنيا " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ }

يخبر تعالى عن حال يوم القيامة وما فيه من آثار الجزاء بالعدل والفضل ، ويتضمن ذلك الترغيب والترهيب الموجب للخوف والرجاء فقال : { يوم تبيض وجوه } وهي وجوه أهل السعادة والخير ، أهل الائتلاف والاعتصام بحبل الله { وتسود وجوه } وهي وجوه أهل الشقاوة والشر ، أهل الفرقة والاختلاف ، هؤلاء اسودت وجوههم بما في قلوبهم من الخزي والهوان والذلة والفضيحة ، وأولئك أبيضت وجوههم ، لما في قلوبهم من البهجة والسرور والنعيم والحبور الذي ظهرت آثاره على وجوههم كما قال تعالى : { ولقاهم نضرة وسرورا } نضرة في وجوههم وسرورا في قلوبهم ، وقال تعالى : { والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها وترهقهم ذلة كأنما أغشيت وجوههم قطعا من الليل مظلما أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } { فأما الذين اسودت وجوههم } فيقال لهم على وجه التوبيخ والتقريع : { أكفرتم بعد إيمانكم } أي : كيف آثرتم الكفر والضلال على الإيمان والهدى ؟ وكيف تركتم سبيل الرشاد وسلكتم طريق الغي ؟ { فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } فليس يليق بكم إلا النار ، ولا تستحقون إلا الخزي والفضيحة والعار .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

ثم حذر الله - تعالى - الناس من أهوال يوم القيامة ، وأمرهم بأن يتسلحوا بالإيمان وبالعمل الصالح حتى ينجوا من عذابه فقال : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ . . . }

قوله - تعالى - { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } : بياض الوجوه وسوادها محمولان على الحقيقة عند جمهور العلماء . وذلك لأن اللفظ حقيقة فيهما ، ولا دليل يوجب ترك هذه الحقيقة فوجب الحمل على ذلك .

قال الألوسى : قال بعضهم يوسم أهل الحق ببياض الوجه وإشراق البشرة تشريفاً لهم وإظهارا لآثار أعمالهم فى ذلك الجمع . ويوسم أهل الباطل بضد ذلك .

والظاهر أن الابيضاض والأسوداد يكونان لجميع الجسد إلا أنهما أسندا للوجوه ؛ لأن الوجه أول ما يلقاك من الشخص وتراه ، وهو أشرف أعضائه واختلف فى وقت ذلك فقيل : وقت البعث من القبور وقيل وقت قراءة الصحف " .

ويرى بعض العلماء أن بياض الوجوه هنا المراد منه لازمه وهو الفرح والسرور ، كما أن سوادها المراد منه لازمه أيضاً وهو الحون والغم وعليه يكون التعبير القرآنى محمولا على المجاز لا على الحقيقة .

قال الفخر الرازى ما ملخصه : وهذا مجاز مشهور قال - تعالى - { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بالأنثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } ويقال : لفلان عندى يد بيضاء وتقول العرب لمن نال بغيته وفاز بمطلوبه : ابيض وجهه ومعناه الاستبشار والتهلل . . ويقال من وصل إليه مكروه : أربَدّ وجهه واغبر لونه وتبدلت صورته . . . وعلى هذا فمعنى الآية : أن المؤمن يرد يوم القيامة على ما قدمت يداه ، فإن رأى ما يسره ابيض وجهه بمعنى أنه استبشر بنعم الله وفضله ، وعلى ضد ذلك إذا رأى الكافر أعماله القبيحة محصاة عليه اسود وجهه بمعنى أنه يشتد حزنه وغمه " .

والظرف " يوم " فى قوله { يَوْمَ تَبْيَضُّ } إلخ منصوب على أنه مفعول به بفعل محذوف والتقدير : اذكر يوم تبيض وجوه وتسود وجوه والمراد الاعتبار والاتعاظ ويجوز أن يكون العامل فيه قوله { عَظِيمٌ } فى قوله قبل ذلك { وأولئك لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } . أى أولئك الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات لهم عذاب فى هذا اليوم الهائل الشديد الذي تبيض فيه وجوه المؤمنين وتسود فيه وجوه الكافرين والفاسقين .

وفى وصف هذا اليوم بأنه تبيض فيه وجوه وتسود فيه وجوه تهويل لأمره . وتعظيم لشأنه وتشويق لما يرد بعد ذلك من تفصيل أصحاب الوجوه المبيضة وأصحاب الوجوه المسودة ، وترغيب للمؤمنين فى الإكثار من التزود بالعمل الصاحل وترهيب للكافرين من التمادى فى كفرهم وضلالهم .

والتنكير فى قوله { وُجُوهٌ } للتكثير . أى تبيض وجوه عدد كثير من المؤمنين وتسود وجوه كثيرة للكافرين .

وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى - { وَيَوْمَ القيامة تَرَى الذين كَذَبُواْ عَلَى الله وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ } وقوله - تعالى - { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إلى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ } قال صاحب الكشاف : " البياض من النور والسواد من الظلمة .

فمن كان من أهل نور الحق وسم ببياض اللون وإسفاره وإشراقه وابيضت صحيفته ، واشرقت ، وسعى النور بين يديه وبيمينه . ومن كان من أهل ظلمة الباطل وسم بسواد اللون وكسوفه وكمده ، واسودت صحيفته وأظلمت وأحاطت به الظلمة من كل جانب . نعوذ بالله وبسعة رحمته من ظلمة الباطل وأهله " .

ثم بين - سبحانه - حال الذين اسودت وجوههم وسوء عاقبتهم فقال : { فَأَمَّا الذين اسودت وُجُوهُهُمْ } بسبب كفرهم وأعمالهم القبيحة فيقال لهم { أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } وحذف هذا القول المقدر والذى هو جواب إما لدلالة الكلام عليه ، ومثله كثير فى القرآن الكريم ، ومن ذلك قوله - تعالى - { وَلَوْ ترى إِذِ المجرمون نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } أي قائلين ربنا أبصرنا وسمعنا وقوله تعالى - { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ سَلاَمٌ عَلَيْكُم } أي قائلين لهم : سلام عليكم .

والاستفهام في قوله : { أَكْفَرْتُمْ } للتوبيخ والتعجب من حالهم .

قال الآلوسى والظاهر من السياق أن هؤلاء هم أهل الكتاب وكفرهم بعد إيمانهم ، هو كفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الإيمان به قبل مبعثه . وقيل هم جميع الكفار لإعراضهم عما وجب عليهم من الإقرار بالتوحيد حين أشهدهم على أنفسهم { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى } ويحتمل أن يراد بالإيمان الإيمان بالقوة والفطرة ، وكفر جميع الكفار كان بعد هذا الإيمان ؛ لتمكنهم بالنظر الصحيح والدلائل الواضحة والآيات البينة من الإيمان بالله - تعالى - ، وبرسوله صلى الله عليه وسلم " .

وقوله { فَذُوقُواْ العذاب بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } أى فادخلوا جهنم وذوقوا مرارة العذاب وآلامه بسبب استمراركم على الكفر وموتكم عليه .

والأمر فى قوله { فَذُوقُواْ } للإهانة والإذلال ، وهو من باب الاستعارة فى { فَذُوقُواْ } استعارة تبعية تخييلية . وفى العذاب استعارة مكنية : حيث شبه العذاب بشىء يدرك بحاسة الأكل والذوق تصويراً له بصورة ما يذاق ، وأثبت له الذوق تخييلا - وهو قرينة المكنية .

وأل فى العذاب للعهد أى فذوقوا العذاب المعهود الموصوف بالعظم ، والذى سبق أن حذركم الله - تعالى - منه ، ولكنكم لم تعيروا التحذير انتباها ، بل تماديتم فى كفركم وضلالكم حتى أدرككم الموت وأنتم على هذه الحال الشنيعة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

93

( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه . فأما الذين اسودت وجوههم : أكفرتم بعد إيمانكم ؟ فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون . وأما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله هم فيها خالدون )

وهنا يرسم السياق مشهدا من المشاهد القرآنية الفائضة بالحركة والحيوية . . فنحن في مشهد هول . هول لا يتمثل في الفاظ ولا في أوصاف . ولكن يتمثل في آدميين أحياء . في وجوه وسمات . . هذه وجوه قد أشرقت بالنور ، وفاضت بالبشر ، فابيضت من البشر والبشاشة ، وهذه وجوه كمدت من الحزن ، وغبرت من الغم ، واسودت من الكآبة . . وليست مع هذا متروكة إلى ما هي فيه . ولكنه اللذع بالتبكيت والتأنيب :

( أكفرتم بعد إيمانكم ؟ فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ! ) . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

وقوله تعالى : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } يعني : يوم القيامة ، حين تبيض وجوه أهل السنة والجماعة ، وتسودّ وجوه أهل البِدْعَة والفرقة ، قاله ابن عباس ، رضي الله عنهما{[5467]} .

{ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } قال الحسن البصري : وهم المنافقون : { فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } وهذا الوصف يَعُمّ كل كافر .


[5467]:في ر: "عنه".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

{ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } نصب بما في لهم من معنى الفعل ، أو بإضمار اذكر . وبياض الوجه وسواده كنايتان عن ظهور بهجة السرور وكآبة الخوف فيه . وقيل يوسم أهل الحق ببياض الوجه والصحيفة وإشراق البشرة وسعي النور بين يديه وبيمينه ، وأهل الباطل بأضداد ذلك . { فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم } على إرادة القول أي فيقال لهم أكفرتم ، والهمزة للتوبيخ والتعجيب من حالهم ، وهم المرتدون أو أهل الكتاب كفروا برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد إيمانهم به قبل مبعثه ، أو جميع الكفار كفروا بعدما أقروا به حين أشهدهم على أنفسهم أو تمكنوا من الإيمان بالنظر في الدلائل والآيات . { فذوقوا العذاب } أمر إهانة . { بما كنتم تكفرون } بسبب كفركم أو جزاء لكفركم .