معاني القرآن للفراء - الفراء  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

وقوله : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ . . . }

لم يذكِّر الفعلَ أحد من القرّاء كما قيل ( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ) وقوله ( لا يحِلّ لك النِساء مِن بعد ) وإنما سهل التذكير في هذين لأن معهما جحدا ، والمعنى فيه : لا يحلّ لك أحد من النساء ، ولن ينال الله شيء من لحومها ، فذهب بالتذكير إلى المعنى ، والوجوه ليس ذلك فيها ، ولو ذكِّر فعل الوجوه كما تقول : قام القوم لجاز ذلك .

وقوله : { فَأَما الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُمْ } يقال : ( أما ) لا بدّ لها من الفاء جوابا فأين هي ؟ فيقال : إنها كانت مع قولٍ مضمر ، فلما سقط القول سقطت الفاء معه ، والمعنى - والله أعلم - فأما الذين اسودّت وجوههم فيقال : أكفرتم ، فسقطت الفاء مع ( فيقال ) . والقول قد يضمر . ومنه في كتاب الله شيء كثير ؛ من ذلك قوله { ولو ترى إِذِ المجرِمون ناكِسوا رءوسِهِم عِند ربهم ربنا أبصرنا وسمِعنا } وقوله { وإِذ يرفع إِبراهِيم القواعِد من البيت وإِسماعيل ربنا تقبل منا } وفي قراءة عبد الله " ويقولان ربَّنا " .