فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

{ يوم تبيض وجوه } { يوم } قد تكون منصوبة بفعل تقديره اذكر وهو اليوم الآخر يجمل الله تعالى أهل رضوانه فيبيض ظواهرهم كما طهر بواطنهم وسرائرهم ، { وتسود وجوه } وآخرون تسود بشرتهم كما خبثت سريرتهم وهم الذين أساءوا في دنياهم-{ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام }{[1092]} والظاهر أن البياض والاسوداد يكون لجميع الجسد ، إلا أنهما أسندا للوجوه لأن الوجه أول ما يلقاك من الشخص وتراه وهو أشرف أعضاءه { فأما الذين اسودت وجوههم } تفصيل لأحوال الفريقين وابتدأ بحال الذين اسودت وجوههم لمجاورته { وتسود وجوه } وليكون الابتداء والاختتام بما يسر الطبع ويشرح الصدر { أكفرتم بعد إيمانكم } على إرادة القول المقرين بالفاء أي فيقال لهم ذلك . . والاستفهام للتوبيخ والتعجيب من حالهم . . والظاهر من السياق أن هؤلاء أهل الكتاب وكفرهم بعد إيمانهم : كفرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الإيمان به قبل مبعثه وإليه ذهب عكرمة-{[1093]} . { فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون } هذا حكم ربنا الذي لا معقب لحكمه يصلى الذين شقوا عذابا شديدا لا يكتنه كنهه بسبب جحودهم وانعدام يقينهم .


[1092]:سورة الرحمن الآية 41.
[1093]:من روح المعاني.