الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

{ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ } نصب بالظرف وهو لهم ، أو بإضمار اذكر ، وقرىء : «تبيض وتسود » ، بكسر حرف المضارعة . «وتبياض وتسوادّ » . والبياض من النور ، والسواد من الظلمة ، فمن كان من أهل نور الحق وسم ببياض اللون وإسفاره وإشراقه ، وابيضت صحيفته وأشرقت . وسعى النور بين يديه وبيمينه . ومن كان من أهل ظلمة الباطل وسم بسواد اللون وكسوفه وكمده ، واسوّدتْ صحيفته وأظلمت ، وأحاطت به الظلمة من كل جانب . نعوذ بالله وبسعة رحمته من ظلمات الباطل وأهله { أَكْفَرْتُمْ } فيقال لهم : أكفرتم ، والهمزة للتوبيخ والتعجيب من حالهم . والظاهر أنهم أهل الكتاب . وكفرهم بعد الإيمان تكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد اعترافهم به قبل مجيئه . وعن عطاء : تبيض وجوه المهاجرين والأنصار وتسودّ وجوه بني قريظة والنضير . وقيل : هم المرتدون . وقيل أهل البدع والأهواء ، وعن أبي أمامة : هم الخوارج ، ولما رآهم على درج دمشق دمعت عيناه ثم قال كلاب النار هؤلاء شر قتلى تحت أديم السماء . وخير قتلى تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء ، فقال له أبو غالب : أشيء تقوله برأيك ، أم شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة . قال : فما شأنك دمعت عيناك ، قال : رحمة لهم ، كانوا من أهل الإسلام فكفروا . ثم قرأ هذه الآية ، ثم أخذ بيده فقال : إن بأرضك منهم كثيراً . فأعاذك الله منهم . وقيل : هم جميع الكفار لإعراضهم عما أوجبه الإقرار حين أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى .