الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

وقوله تعالى : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ }[ آل عمران :106 ] .

بياضُ الوُجُوهِ : عبارةٌ عن إشراقِها واستنارتها وبِشْرِها برحمة اللَّهِ ، قاله الزَّجَّاج وغيره .

وقوله تعالى : { أَكْفَرْتُمْ } : تقريرٌ وتوبيخٌ متعلِّق بمحذوف ، تقديره : فيقالُ لهم : أكفرتم ، وفي هذا المَحْذُوفِ جوابُ «أمَّا » ، وهذا هو فحوَى الخطَابِ ، وهو أنْ يكون في الكلام شيْءٌ مقدَّر لا يستغنِي المعنى عنه ، كقوله تعالى : { فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ } [ البقرة : 184 ] المعنى : فَأَفْطَرَ ، فَعِدَّةٌ .

وقوله تعالى : { بَعْدَ إيمانكم }[ آل عمران :106 ] يقتضي أنَّ لهؤلاء المذكورين إيماناً متقدِّماً ، واختلف أهل التأويل في تَعْيِينِهِمْ ، فقال أُبيُّ بْنُ كَعْبٍ : هم جميعُ الكُفَّارِ ، وإيمانهم هو إقرارهم يَوْمَ قِيلَ لهم : { أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بلى } [ الأعراف : 172 ] وقال أكثر المتأوِّلين : المراد أهل القبْلَة مِنْ هذه الأمة ، ثم اختلفوا ، فقال الحسَنُ : الآية في المنافقين ، وقال قتادة : هي في أهْل الرَّدة ، وقال أبو أُمَامة : هي في الخَوَارج .