بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

ثم بَيَّن منازل الذين تفرقوا ، والذين لم يتفرقوا فقال تعالى : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } يعني يوم القيامة حين يبعثون من قبورهم . ويقال : إن ذلك عند قوله تعالى : { وامتازوا اليوم أَيُّهَا المجرمون } [ يس : 59 ] تكون وجوه المؤمنين مُبْيَضّة ، ووجوه الكفار مُسْوَدَّة . ويقال : إن ذلك عند قراءة الكتاب ، إذا قرأ المؤمن كتابه ، فرأى في كتابه حسناته ، استبشر وابيضّ وجهه ، وإذا قرأ المنافق والكافر كتابه ، فرأى فيه سيئاته ، اسودّ وجهه . ويقال : إن ذلك عند الميزان ، إذا رجحت حسناته ابيضّ وجهه ، وإذا رجحت سيئاته اسودّ وجهه . ويقال : إذا كان يوم القيامة يؤمر كل قوم بأن يجتمعوا إلى معبودهم ، فإذا انتهوا إليه حزنوا ، واسودّت وجوههم ، فيبقى المؤمنون ، وأهل الكتاب والمنافقون ، فيقول الله تعالى للمؤمنين : من ربكم ؟ فيقولون : ربنا الله عزّ وجلّ .

فيقول لهم : أتعرفونه إذا رأيتموه ؟ فيقولون : سبحانه إذا عرفنا ، عرفناه فيرونه كما شاء الله ، فيخر المؤمنون سجداً لله تعالى ، فتصير وجوههم مثل الثلج بياضاً ، وبقي المنافقون وأهل الكتاب ، لا يقدرون على السجود ، فحزنوا واسودّت وجوههم ، فذلك قوله : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ } .