فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَوۡمَ تَبۡيَضُّ وُجُوهٞ وَتَسۡوَدُّ وُجُوهٞۚ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسۡوَدَّتۡ وُجُوهُهُمۡ أَكَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡ فَذُوقُواْ ٱلۡعَذَابَ بِمَا كُنتُمۡ تَكۡفُرُونَ} (106)

وقوله : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ } منتصب بفعل مضمر أي : اذكر ، وقيل : بما يدل عليه قوله : { لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فإن تقديره استقر لهم عذاب عظيم يوم تبيض وجوه ، أي : يوم القيامة حين يبعثون من قبورهم تكون وجوه المؤمنين مبيضة ، ووجوه الكافرين مسودة . ويقال إن ذلك عند قراءة الكتاب إذا قرأ المؤمن كتابه رأى حسناته ، فاستبشر وابيض وجهه ، وإذا قرأ الكافر كتابه رأى سيئاته ، فحزن واسودّ وجهه ، والتنكير في وجوه للتكثير ، أي : وجوه كثيرة .

وقرأ يحيى بن وثاب " تبيض " ، و " تسود " بكسر التاءين . وقرأ الزهري تبياض ، وتسواد . قوله : { أَكْفَرْتُمْ } أي : فيقال لهم : أكفرتم ، والهمزة للتوبيخ ، والتعجيب من حالهم ، وهذا تفصيل لأحوال الفريقين بعد الإجمال ، وقدم بيان حال الكافرين لكون المقام مقام تحذير وترهيب ، قيل : هم أهل الكتاب ، وقيل : المرتدون ، وقيل : المنافقون ، وقيل : المبتدعون .

/خ103