قوله تعالى : { أمن هو قانت } قرأ ابن كثير ، و نافع ، و حمزة :{ أمن } بتخفيف الميم ، وقرأ الآخرون بتشديدها ، فمن شدد فله وجهان : أحدهما أن تكون الميم في " أم " صلة فيكون معنى الكلام استفهاماً ، وجوابه محذوفاً مجازه : أمن هو قانت كمن هو غير قانت ؟ كقوله :{ أفمن شرح الله صدره للإسلام } ( الزمر-22 ) يعني كمن لم يشرح صدره . والوجه الآخر : أنه عطف على الاستفهام ، مجازه الذي جعل لله أنداداً أخير " أم من هو قانت " ومن قرأ بالتخفيف ، فهو ألف استفهام دخلت على معناه من هذا كالذي جعل لله أنداداً . وقيل : الألف في " أمن " بمعنى حرف النداء تقديره يا من هو قانت والعرب تنادي بالألف ، كما تنادي بالياء ، فتقول : أبني فلان ، ويا بني فلان ، فيكون معنى الآية : قل تمتع بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار ، " يا من هو قانت آناء الليل " إنك من أهل الجنة ، قاله ابن عباس . وفي رواية عطاء : نزلت في أبي بكر الصديق ، وقال الضحاك : نزلت في أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . وعن ابن عمر أنها نزلت في عثمان ، وعن الكلبي : أنها نزلت في ابن مسعود ، وعمار ، وسلمان ، والقانت المقيم على الطاعة ، قال ابن عمر : القنوت قراءة القرآن ، وطول القيام { وآناء الليل } ساعاته . { ساجداً وقائما } يعني في الصلاة . { يحذر الآخرة } يخاف الآخرة { ويرجو رحمة ربه } يعني : كمن لا يفعل شيئاً من ذلك { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } قيل : " الذين يعلمون " : عمار ، و " الذين لا يعلمون " : أبو حذيفة المخزومي .
{ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } :
هذه مقابلة بين العامل بطاعة اللّه وغيره ، وبين العالم والجاهل ، وأن هذا من الأمور التي تقرر في العقول تباينها ، وعلم علما يقينا تفاوتها ، فليس المعرض عن طاعة ربه ، المتبع لهواه ، كمن هو قانت أي : مطيع للّه بأفضل العبادات وهي الصلاة ، وأفضل الأوقات وهو أوقات الليل ، فوصفه بكثرة العمل وأفضله ، ثم وصفه بالخوف والرجاء ، وذكر أن متعلق الخوف عذاب الآخرة ، على ما سلف من الذنوب ، وأن متعلق الرجاء ، رحمة اللّه ، فوصفه بالعمل الظاهر والباطن .
{ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ } ربهم ويعلمون دينه الشرعي ودينه الجزائي ، وما له في ذلك من الأسرار والحكم { وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } شيئا من ذلك ؟ لا يستوي هؤلاء ولا هؤلاء ، كما لا يستوي الليل والنهار ، والضياء والظلام ، والماء والنار .
{ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ } إذا ذكروا { أُولُو الْأَلْبَابِ } أي : أهل العقول الزكية الذكية ، فهم الذين يؤثرون الأعلى على الأدنى ، فيؤثرون العلم على الجهل ، وطاعة اللّه على مخالفته ، لأن لهم عقولا ترشدهم للنظر في العواقب ، بخلاف من لا لب له ولا عقل ، فإنه يتخذ إلهه هواه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.