الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (9)

قرىء : «أمن هو قانت » بالتخفيف على إدخال همزة الاستفهام على من ، وبالتشديد على إدخال «أم » عليه . ومن مبتدأ خبره محذوف ، تقديره : أمن هو قانت كغيره ، وإنما حذف لدلالة الكلام عليه ، وهو جري ذكر الكافر قبله . وقوله بعده : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الذين يَعْلَمُونَ والذين لاَ يَعْلَمُونَ } وقيل : معناه أمن هو قانت أفضل أمن هو كافر . أو أهذا أفضل أمن هو قانت على الاستفهام المتصل . والقانت : القائم بما يجب عليه من الطاعة . ومنه قوله عليه الصلاة والسلام : " أفضل الصلاة طول القنوت " ، وهو القيام فيها . ومنه القنوت في الوتر ؛ لأنه دعاء المصلي قائماً { ساجدا } حال . وقرىء : «ساجد وقائم » على أنه خبر بعد خبر ، والواو للجمع بين الصفتين . وقرىء : «ويحذر عذاب الآخرة » وأراد بالذين يعلمون : العاملين من علماء الديانة ، كأنه جعل من لا يعمل غير عالم . وفيه ازدراء عظيم بالذين يقتنون العلوم ، ثم لا يقنتون ، ويفتنون فيها ، ثم يفتنون بالدنيا ، فهم عند الله جهلة ، حيث جعل القانتين هم العلماء ، ويجوز أن يرد على سبيل التشبيه ، أي : كما لا يستوي العالمون والجاهلون ، كذلك لا يستوي القانتون والعاصون . وقيل : ونزلت في عمار بن ياسر رضي الله عنه وأبي حذيفة بن المغيرة المخزومي . وعن الحسن أنه سئل عن رجل يتمادى في المعاصي ويرجو ، فقال : هذا تمنّ وإنما الرجاء قوله : وتلا هذه الآية . وقرىء : «إنما يذَّكَّر » بالإدغام .