ثم قال : { أمن هو قانت آناء الليل ساجدا قائما } من خفف ( من ){[58705]} جعله نداء أو رفعه بالابتداء ، ويكون الخبر محذوفا{[58706]} . والتقدير : أهذا أفضل ( أومن ){[58707]} جعل لله أندادا .
ومن شدد{[58708]} ف( من ) في موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف على ما قدمنا في التخفيف{[58709]} .
وقيل التقدير : أهذا المذكور أفضل أم من هو قانت لأنه ذكر من جعل لله أندادا ليضل عن سبيله{[58710]} .
ثم قال : { أمن هو قانت } أي : أهذا المذكور أفضل أم من هو قانت ؟ ودل على ذلك قوله : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون }{[58711]} .
وقيل : ( أم ) بمعنى / الألف ، كأنه قال : أمن{[58712]} هو قانت ، ويكون الجواب مضمرا بعده كأنه قال : أم من هو قانت كمن مضت صفته من الكفار{[58713]} . قال ابن عباس : القنوت هنا : قراءة القرآن .
وآناء الليل : ساعاته ، واحدة ، أني كمعي{[58714]} وفيه وجوه قد تقدم ذكرها{[58715]} .
وقيل القنوت : الطاعة{[58716]} ، وهو أصله .
وروى الخدري{[58717]} أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كل قنوت في القرآن{[58718]} فهو طاعة لله عز وجل{[58719]} " .
وروى جابر{[58720]} أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل : أي الصلاة أفضل ؟ قال : " طول القنوت " {[58721]} . فتأوله جماعة من أهل العلم أنه طول القيام{[58722]} .
وسئل ابن عمر عن القنوت ، فقال : ( ما أعرف القنوت إلا طول القيام ، وقراءة القرآن ){[58723]} .
وقال مجاهد : من القنوت : طول الركوع ، وغض الطرف{[58724]} .
ويروى أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه{[58725]} .
وعن ابن عمر : إنها نزلت في عثمان رضي الله عنه{[58726]} .
وكانوا يستحبون حسن الملبس في الصلاة .
روى نافع{[58727]} أن ابن عمر قال له : قم فصل . قال نافع : فقمت أصلي – وكان عليَّ ثوب خلق – فدعاني ابن عمر فقال لي : أرأيتك لو وجهتك في حاجة وراء الجدار ، أكنت{[58728]} تمضي هكذا ؟ ! قال : فقلت : كنت أتزين ! قال : فالله جل وعز أجل أن يتزين له ! ! . {[58729]}
قوله : { ساجدا وقائما } ، أي : يقنت ساجدا أحيانا وقائما أحيانا { يحذر الآخرة } . أي عذاب الآخرة .
{ ويرجوا رحمة ربه } أي : يرجو أن يرحمه ربه فيدخله الجنة .
ثم قال تعالى : { قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون } أي : قل يا محمد لقومك : هل يستوي الذين يعلمون ما لهم في طاعة الله عز وجل من الثواب وما عليهم في معصيته من العقاب ، والذين لا يعلمون ذلك .
يعني{[58730]} : من يؤمن بالبعث والحساب والجزاء والذين لا يؤمنون بذلك . فالمعنى : لا يستوي المطيع والعاصي .
وقيل : الذين يعلمون هم الذين ينتفعون بعلمهم ، والذين هو من لا ينتفع بعلمه ، ومن لا علم عنده{[58731]} .
ثم قال : { إنما يتذكر أولوا الألباب } أي : إنما يعتبر حجج الله عز وجل فيتعظ بها ويتدبرها أصحاب العقول والبصائر .
ويقف القارئ على ( رحمة ربه ) إن شدد الميم ، لأن الخبر المحذوف مقدر قبل ( قل هل ){[58732]} .
ومن خفف وجعل ( من ) مرفوعة بالابتداء وقف أيضا على ( ربه ) ويقدر الخبر أيضا محذوفا قبل ( قل هل{[58733]} ) .
ومن جعله نداء لم يقف على ( ربه ) ، لأن ( قل هل ) متصل بالمنادي .
والمعنى : يا من هو قانت قل هل ، فإن قدرت محذوفا تتم به فائدة النداء ، وقفت على ( ربه ) .
والتقدير : ( يا من هو قانت أبشر ، ثم تبتدئ{[58734]} قل هل ) .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.