بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{أَمَّنۡ هُوَ قَٰنِتٌ ءَانَآءَ ٱلَّيۡلِ سَاجِدٗا وَقَآئِمٗا يَحۡذَرُ ٱلۡأٓخِرَةَ وَيَرۡجُواْ رَحۡمَةَ رَبِّهِۦۗ قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ} (9)

قوله عز وجل : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء الليل ساجدا وَقَائِماً } وأصل القنوت هو القيام . ثم سمي المصلي قانتاً ، لأنه بالقيام يكون . ومعناه : أمن هو مصل كمن لا يكون مصلياً على وجه الإضمار . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ القَانِتِ القَائِمِ » يعني : المصلي القائم . قرأ ابن كثير ، ونافع ، وحمزة ، { أمن } بالتخفيف . وقرأ الباقون : بالتشديد . فمن قرأ : بالتخفيف ، فقد روي عن الفراء أنه قال : معناه يا من هو قانت . كما تقول في الكلام : فلان لا يصوم ، ولا يصلي ، فيا من يصلي ، ويصوم ، أبشر . فكأنه قال : يا من هو قانت أبشر . ومن قرأ : بالتشديد . فإنَّه يريد به معنى الذي . ومعناه : الذي هو من أصحاب النار . فهذا أفضل أم الذي هو قانت آناء الليل . يعني : ساعات الليل في الصلاة ، ساجداً ، وقائماً في الصلاة ، { يَحْذَرُ الآخرة } يعني : يخاف عذاب الآخرة ، { ويرجو رَّحْمَةِ رَبّهِ } يعني : مغفرة الله تعالى . { قُلْ هَلْ يستوي الذين يَعْلَمُونَ } وهم المؤمنون ، { والذين لاَ يَعْلَمُونَ } وهم الكفار في الثواب ، والطاعة . ويقال : { قُلْ هَلْ يستوي الذين يَعْلَمُونَ } يعني : يصدقون بما وعد الله في الآخرة من الثواب ، { والذين لاَ يَعْلَمُونَ } يعني : لا يصدقون . ويقال : معناه قل هل يستوي العالم والجاهل . فكما لا يستوي العالم والجاهل ، كذلك لا يستوي المطيع والعاصي . { إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُو الألباب } يعني : يعتبر في صنعي ، وقدرتي من له عقل ، وذهن .