معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

ثم ضرب مثلا فقال : { أفمن يمشي مكباً على وجهه } راكباً رأسه في الضلالة والجهالة ، أعمى العين والقلب لا يبصر يميناً ولا شمالاً وهو الكافر . قال قتادة : راكبا على المعاصي في الدنيا فحشره الله على وجهه يوم القيامة ، { أهدى أمن يمشي سوياً } معتدلاً يبصر الطريق وهو ، { على صراط مستقيم } وهو المؤمن . قال قتادة : يمشي يوم القيامة سوياً .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

{ 22 } { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

أي : أي الرجلين أهدى ؟ من كان تائها في الضلال ، غارقًا في الكفر قد انتكس قلبه ، فصار الحق عنده باطلًا ، والباطل حقًا ؟ ومن كان عالمًا بالحق ، مؤثرًا له ، عاملًا به ، يمشي على الصراط المستقيم في أقواله وأعماله وجميع أحواله ؟ فبمجرد النظر إلى حال هذين الرجلين ، يعلم الفرق بينهما ، والمهتدي من الضال منهما ، والأحوال أكبر شاهد من الأقوال .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

ثم ضرب - سبحانه - مثلا لأهل الإِيمان وأهل الكفر ، وأهل الحق وأهل الباطل ، فقال - سبحانه - : { أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْهِهِ أهدى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } .

والمُكِب : هو الإِنسان الساقط على وجهه ، يقال : كبَّ فلان فلانا وأكبه ، إذا صرعه وقلبه بأن جعل وجهه على الأرض . . فهو اسم فاعل من أكب .

وقوله : { أهدى } مشتق من الهدى ، وهو معرفة طريق الحق والسير فيها ، والمفاضلة هنا ليست مقصودة ، لأن الذى يمشي مكبا على وجهه ، لا شئ عنده من الهداية أو الرشد إطلاقا حتى يفاضل مع غيره ، وفيه لون من التهكم بهذا المكب على وجهه .

و " السوي " هو الإِنسان الشديد الاستواء والاستقامة ، فهو فعيل بمعنى فاعل .

ومنه قوله - تعالى - حكاية عما قاله إبراهيم - عليه السلام - لأبيه - : { ياأبت إِنِّي قَدْ جَآءَنِي مِنَ العلم مَا لَمْ يَأْتِكَ فاتبعني أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً }

أي : مستويا .

قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : { أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْهِهِ أهدى . . . } : هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، فالكافر مثله فيما هو فيه ، كمثل من يمشي مكبا على وجهه ، أي : يمشي منحنيا لا مستويا على وجهه ، أي : لا يدري أين يسلك ، ولا كيف يذهب ، بل هو تائه حائر ضال ، أهذا أهدى { أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً } أي : منتصب القامة { عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } أي على طريق واضح بين ، وهو في نفسه مستقيم وطريقه مستقيمة .

هذا مثلهم في الدنيا ، وكذلك يكونون في الآخرة ، فالمؤمن يحشر يمشي سويا على صراط مستقيم . . وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إلى النار . .

وروى الإِمام أحمد عن أنس قال : " قيل يا رسول الله ، كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ فقال : " أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادرا على أن يمشيهم على وجوههم "

وقال الجمل : هذا مثل للمؤمن والكافر ، حيث شبه - سبحانه - المؤمن في تمسكه بالدين الحق ، ومشيه على منهاجه ، بمن يمشي في الطريق المعتدل ، الذي ليس فيه ما يتعثر به . .

وشبه الكافر في ركوبه ومشيه على الدين الباطل ، بمن يمشي في الطريق الذي فيه حفر وارتفاع وانخفاض ، فيتعثر ويسقط على وجهه ، وكلما تخلص من عثرة وقع في أخرى .

فالمذكور في الآية هو المشبه به ، والمشبه محذوف ، لدلالة السياق عليه . .

وبذلك نرى هذه الآيات الكريمة قد لفتت أنظار الناس إلى التفكر والاعتبار ، ووبخت المشركين على جهالاتهم وطغيانهم ، وساقت مثالا واضحا للمؤمن والكافر ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة .