الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

يجعل «أكب » مطاوع «كبه » يقال : كببته فأكب ، من الغرائب والشواذ . ونحوه : قشعت الريح السحاب فأقشع ، وما هو كذلك ؛ ولا شيء من بناء أفعل مطاوعاً ، ولا يتقن نحو هذا إلا حملة كتاب سيبويه ؛ وإنما «أكب » من باب «أنفض ، وألأم » ومعناه : دخل في الكب ، وصار ذا كب ؛ وكذلك أقشع السحاب : دخل في القشع . ومطاوع كب وقشع : انكب وانقشع . فإن قلت ما معنى { يَمْشِى مُكِبّاً على وَجْهِهِ } ؟ وكيف قابل { يَمْشِى سَوِيّاً عَلَى صراط مُّسْتَقِيمٍ } ؟ قلت : معناه : يمشي معتسفاً في مكان معتاد غير مستو ، فيه انخفاض وارتفاع ، فيعثر كل ساعة فيخر على وجهه منكباً ، فحاله نقيض حال من يمشي سوياً ، أي : قائماً سالماً من العثور والخرور . أو مستوي الجهة قليل الانحراف ، خلاف المعتسف الذي ينحرف هكذا وهكذا على طريق مستو . ويجوز أن يراد الأعمى الذي لا يهتدي إلى الطريق فيعتسف ، فلا يزال ينكب على وجهه ، وأنه ليس كالرجل السوي الصحيح البصر ، الماشي في الطريق المهتدي له ، وهو مثل للمؤمن والكافر . وعن قتادة : الكافر أكب على معاصي الله تعالى فحشره الله يوم القيامة على وجهه . وعن الكلبي : عني به أبو جهل بن هشام . وبالسويّ : رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل : حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه .