الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

{ أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ } راكباً رأسه في الضلالة والجهالة ، أعمى القلب والعين لا يُبصر يميناً ولا شمالا ، وهو الكافر .

وقال قتادة : هو الكافر أكبّ على معاصي الله في الدنيا ، فحشره الله يوم القيامة على وجهه ، { أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } وهو المؤمن ، وقوله : { مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ } فعل غريب ، لأنّ أكثر اللغة في التعدّي واللزوم ، أن يكون أفعلت يفعّل ، وهذا على ضدّه يقال : كببت فلاناً على وجهه فأكب ، قال الله تعالى :

{ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ } [ النمل : 90 ] ، وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : " وهل يكبّ الناس في النار على مناخرهم إلاّ حصائد ألسنتهم " .

ونظيره في الكلام قولهم : قشعت الريح السحاب فأقشعت ، وبشرته بمولود فأبشر ، وقيل مكبّاً لأنه فعل غير واقع ، قال الأعشى :

مكبّاً على روقيه يُحفّر عرقها *** على ظهر عُريان الطريقة أهيما