تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{أَفَمَن يَمۡشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦٓ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ} (22)

ثم قال : { أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ؟ : وهذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مُكبّا على وجهه ، أي : يمشي منحنيا لا مستويا ، على وجهه ، أي : لا يدري أين يسلك ولا كيف يذهب ؟ بل تائه حائر ضال ، أهذا أهدى { أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا } أي : منتصب القامة { عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } أي : على طريق واضح بين ، وهو في نفسه مستقيم ، وطريقه مستقيمة . هذا مثلهم في الدنيا ، وكذلك يكونون في الآخرة . فالمؤمن يحشر يمشي سويًا على صراط مستقيم ، مُفض به إلى الجنة الفيحاء ، وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم ، { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ مَا لَكُمْ لا تَنَاصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ }

قال الإمام أحمد ، رحمه الله : حدثنا ابن نُمَير ، حدثنا إسماعيل ، عن نُفَيع قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قيل : يا رسول الله ، كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ فقال : " أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادرًا على أن يمشيهم على وجوههم " {[29116]} .

وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طريق [ يونس بن محمد ، عن شيبان ، عن قتادة ، عن أنس ، به نحوه ]{[29117]} {[29118]} .


[29116]:- (2) المسند (3/167).
[29117]:- (1) زيادة من م، أ.
[29118]:- (2) صحيح البخاري برقم (4760) وصحيح مسلم برقم (2806).