وقولُه تعالَى : { أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً على وَجْهِهِ أهدى } الخ مثلٌ ضُرِبَ للمشركِ والموحدِ توضيحاً لحالهِما ، وتحقيقاً لشأنِ مذهبيهما ، والفاءُ لترتيبِ ذلكَ على ما ظهرَ من سوءِ حالِهِم وخرورِهِم{[792]} في مهاوِي الغرورِ ، وركوبِهِم متنَ عشواءِ العتوِّ والنفورِ ، وعدمِ اهتدائِهِم في مسلكِ المُحاجَّةِ إلى جهةٍ يتوهمُ فيها رشدٌ في الجملةِ ، فإنَّ تقدمَ الهمزةِ عليها صورةً ، إنَّما هُو لاقتضائِهَا الصدارةَ ، وأما بحسبِ المعنى فالأمرُ بالعكسِ ، كَمَا هو المشهورُ حتَّى لو كانَ مكانُ الهمزةِ هلْ لقيلَ فهَلْ مَنْ يمشِي مُكباً الخ . والمُكِبُّ الساقطُ على وجهِهِ ، يقالُ أكبَّ خرَّ على وجهِهِ ، وحقيقتُهُ صارَ ذا كبَ ودخلَ في الكبِّ ، كأقشعَ الغمامُ أي صارَ ذا قشعٍ . والمَعْنَى أفمنْ يمشِي وهو يعثرُ في كلِّ ساعةٍ ويخرُّ على وجهِهِ في كلِّ خُطوةٍ لتوعرِ طريقِه واختلالِ قُواه ، أهدَى إلى المقصدِ الذي يؤمُّه . { أَم منْ يَمْشِي سَوِيّاً } أي قائماً سالماً من الخبطِ والعثارِ { على صراط مُسْتَقِيمٍ } مستوِي الأجزاءِ لا عوجَ فيهِ ولا انحرافَ ، قيلَ خبر من الثانيةِ محذوفٌ لدلالةِ خبرِ الأُولَى عليهِ ، ولا حاجةَ إلى ذلكَ ، فإنَّ الثانيةَ معطوفةٌ على الأُولى عطفَ المفردِ ، كقولِكَ أزيدٌ أفضلُ أم عمروٌ ، وقيل أُريدَ بالمكبِّ الأَعْمَى وبالسويِّ البصيرُ ، وقيلَ من يمشِي مُكباً هو الذي يُحشرُ على وجهِهِ إلى النَّارِ ، ومَنْ يمشِي سوياً الذي يُحشرُ على قدميهِ إلى الجنَّةِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.