معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ أَزۡوَٰجَهُمۡ وَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ شُهَدَآءُ إِلَّآ أَنفُسُهُمۡ فَشَهَٰدَةُ أَحَدِهِمۡ أَرۡبَعُ شَهَٰدَٰتِۭ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (6)

قوله تعالى : { والذين يرمون أزواجهم } يقذفون نساءهم ، { ولم يكن لهم شهداء } يشهدون على صحة ما قالوا ، { إلا أنفسهم } غير أنفسهم ، { فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين } قرأ حمزة والكسائي وحفص : أربع شهادات برفع العين على خبر الابتداء ، أي : فشهادة أحدهم التي تدرأ الحد أربع شهادات ، وقرأ الآخرون بالنصب ، أي : فشهادة أحدهم أن يشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ أَزۡوَٰجَهُمۡ وَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ شُهَدَآءُ إِلَّآ أَنفُسُهُمۡ فَشَهَٰدَةُ أَحَدِهِمۡ أَرۡبَعُ شَهَٰدَٰتِۭ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (6)

ثم انتقلت السورة الكريمة من الحديث عن حكم القذف بصفة عامة ، إلى الحديث عن حكم القذف إذا ما حدث بين الزوجين ، فقال - تعالى - : { والذين يَرْمُونَ .

ذكر المفسرون فى سبب نزول هذه الآيات روايات متعددة ، منها ما أخرجه البخارى عن ابن عباس ، " أن هلال بن أمية ، قذف امرأته عند النبى صلى الله عليه وسلم بشَرِيك بن السحماء ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : " البينة أوحَدٌّ فى ظهرك " . فقال : يا رسول الله ، إذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة ؟ فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يقول له : " البينة أو حد فى ظهرك " .

فقال هلال : والذى بعثك بالحق إنى لصادق ولينزلن الله ما يبرىء ظهرى من الحد . فنزل جبريل بهذه الآيات .

فانصرف النبى صلى الله عليه وسلم فأرسل إليهما ، فجاء هلال فشهد ، والنبى صلى الله عليه وسلم يقول : إن الله يعلم أن أحدكم كاذب ، فهل منكما تائب ؟ ثم قامت زوجته فشهدت ، فلما كانت عند الخامسة وقفوها وقالوا : إنها موجبة - أى للعذاب ولغضب الله - تعالى - .

قال ابن عباس : فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها ترجع ، ثم قالت : لا أفضح قومى سائر اليوم ، فمضت .

وفى رواية فشهدت فى الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، ففرق الرسول صلى الله عليه وسلم بينهما ، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ولا يرمى ولدها ، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد . . " .

والمراد بالرمى فى قوله - تعالى - { والذين يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ } الرمى بفاحشة الزنا .

وقوله - تعالى - : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } أى : ولم يكن لهؤلاء الأزواج الذين قذفوا زوجاتهم بالزنا من يشهد معهم سوى أنفسهم .

وقوله : { فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ } أى : فشهادة أحدهم التى ترفع عنه حد القذف ، أن يشهد " أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين " فيما رماها به من الزنا .

قال الجمل ما ملخصه : " قوله - تعالى - { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } فى رفع أنفسهم وجها : أحدهما أنه بدل من شهداء ، والثانى ، أنه نعت له على أن إلا بمعنى غير ، ولا مفهوم لهذا القيد . بل يلاعن ولو كان واجدا للشهود الذين يشهدون بزناها . وقوله : { فَشَهَادَةُ } مبتدأ ، وخبره " أربع شهادات " أى : فشهادتهم المشروعة أربع شهادات . . . " .

وقرأ الجمهور : " أربع شهادات " بالنصب على المصدر ، لأن معنى : فشهادة : أن يشهد .

والتقدير : فعليهم أن يشهد أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين فيما قاله .