ثم قوله عز وجل : { والذين يَرْمُونَ أزواجهم } ، يعني : يقذفون أزواجهم بالزنى . قال أبو الليث : حدّثنا أبو جعفر قال : حدّثنا أبو الحسن علي بن أحمد قال : حدّثنا محمد بن الفضل قال : حدّثنا يزيد بن هارون ، عن عباد بن منصور ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما نزل { والذين يَرْمُونَ المحصنات } الآية ، قال مسعد بن عبادة ، وهو سيد الأنصار : أهكذا أنزلت يا رسول الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « يَا مَعْشَرَ الأَنْصَاِر ، ألا تَسْمَعُونَ إلَى مَا يَقُولُ سَيِّدُكُمْ ؟ » . فقال سعد : والله يا رسول الله إني لأعلم أنها حق ، وأنها من الله تعالى ، ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعاً قد تفخذها رجل ، لم يكن لي أن أهيجه ، حتى آتي بأربعة شهداء . فوالله إني لا آتي بأربعة شهداء ، حتى يقضي حاجته . قال : فما لبثوا إلا يسيراً ، حتى جاء هلال بن أمية ، وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم . فجاء من أرضه عشاء ، فوجد عند امرأته رجلاً ، فرأى بعينه وسمع بأذنه ، فلم يهجه حتى أصبح ، فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، إني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلاً ، فرأيت بعيني وسمعت بأذني . فكره النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد عليه .
واجتمعت الأنصار ، فقالوا : قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة . الآن يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية ، ويبطل شهادته في المسلمين ، فقال هلال : والله إني لأرجو أن يجعل الله لي مخرجاً . فوالله إن النبي صلى الله عليه وسلم ليريد أن يأمر بضربه ، إذ نزل عليه الوحي ، فعرفوا بذلك في تربد وجهه ، فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزل { والذين يَرْمُونَ أزواجهم } .
{ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } ، فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : « أَبْشِرْ يا هِلالُ فَقَدْ جَعَلَ الله لَكَ مَخْرَجاً » . فقال هلال : قد كنت أرجو ذلك من ربي . فأرسلوا إليها ، فجاءت فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وذكرهما ، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا . فقال هلال : والله يا رسول الله لقد صدقت عليهما . فقالت : كذب علي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لاعِنُوا بَيْنَهُما » . فقيل لهلال : اشهد . فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين ؛ فلما كانت الخامسة ، قيل : يا هلال ، اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب . قال : والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها ، فشهد الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين .
ثم قيل لها : اشهدي . فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين ، فلما كانت الخامسة ، قيل لها : اتقي الله ، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة ، وان هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب ، فمكثت ساعة ثم قالت : والله لا أفضح قومي ، فشهدت الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ، وقال : إن جاءت به أصيهب أريسج أثيبج خمش الساقين ، فهو لهلال . وإن جاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الأليتين ، فهو للذي رميت به . فجاءت به أورق جعداً جمالياً خدلج الساقين سابغ الأليتين ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لَوْلاَ الأَيْمَانُ ، لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ » قال عكرمة : فكان بعد ذلك أميراً على مصر ولا يدعى لأب .
وروى ابن شهاب ، عن سهل بن سعد الساعدي : أن عويمر العجلاني أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أرأيت إن وجد الرجل مع امرأته رجلاً إن قتله قتلتموه أو كيف يفعل ؟ قال : « قَدْ أَنْزَلَ الله فِيكَ وَفِي صَاحِبَتِكَ قُرْآناً فَاذْهَبْ فَأْت بِهَا » فتلاعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فلما فرغا ، قال : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فهي طالق ثلاثاً . فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم . قال ابن شهاب : تلك سنة المتلاعنين ؛ وفي رواية أخرى : أنه فرق بينهما ؛ وقال الزهري : صار ذلك سنة في المتلاعنين ، فذلك قوله : { والذين يَرْمُونَ أزواجهم وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَاء إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } يعني : الزوج خاصة .
{ فشهادة أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شهادات بالله إِنَّهُ لَمِنَ الصادقين } ، أي يحلف الزوج أربع مرات ، فيقول في كل مرة : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أني صادق فيما رميتها به من الزنى
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.