التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي  
{وَٱلَّذِينَ يَرۡمُونَ أَزۡوَٰجَهُمۡ وَلَمۡ يَكُن لَّهُمۡ شُهَدَآءُ إِلَّآ أَنفُسُهُمۡ فَشَهَٰدَةُ أَحَدِهِمۡ أَرۡبَعُ شَهَٰدَٰتِۭ بِٱللَّهِ إِنَّهُۥ لَمِنَ ٱلصَّـٰدِقِينَ} (6)

{ والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم } هذه الآية في قذف الرجل لامرأته فيجب اللعان بذلك ، وسببها أن رجلا قال يا رسول الله : الرجل يجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع ؟ فسكت عنه نبي الله صلى الله عليه وسلم ، ثم عاد فقال مثل ذلك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فأتني بها ) فتلاعنا وفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وموجب اللعان عند مالك شيئان :

أحدهما : أن يدعي الزوج أنه رأى امرأته تزني .

والآخر : أن ينفي حملها ويدعي الاستبراء قبله ، فإذا تلاعن الزوج تعلقت به ثلاثة أحكام : نفي حد القذف عنه ، وانتفاء سبب الولد منه ووجوب حد الزنا عليها إن لم تلاعن ، فإن تلاعنت سقط الحد عنها ، ولفظ الآية عام في الزوجات الحرائر والمماليك ، والمسلمات والكافرات والعدول وغيرهم ، وبذلك أخذ مالك واشترط في الزوج الإسلام واشترط أبو حنيفة أن يكونا مسلمين حرين عدلين .

{ فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين } أي : يقول الزوج : أربع مرات أشهد بالله لقد رأيت هذه المرأة تزني ، أو أشهد بالله ما هذا الحمل مني ، ولقد زنت وإني في ذلك لمن الصادقين ، ثم يقول في الخامسة : لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين ، وزاد أشهب : أن يقول : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو ، وانتصب { أربع شهادات بالله } على المصدرية ، والعامل فيه { شهادة أحدهم } وقرئ بالرفع وهو خبر شهادة أحدهم ، وقوله : { بالله } و{ إنه لمن الصادقين } من صلة أربع شهادات أو من صلة شهادة أحدهم .