أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖۖ وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ} (109)

{ فإن تولوا } عن التوحيد . { فقل آذنتكم } أي أعلمتكم ما أمرت به أو حربي لكم . { على سواء } مستوين في الإعلام به أو مستوين أنا وأنتم في العلم بما أعلمتكم به ، أو في المعاداة أو إيدانا على سواء . وقيل أعلمتكم أني على { سواء } أي عدل واستقامة رأي بالبرهان النير . { وإن أدري } وما أدري . { أقريب أم بعيد ما توعدون } من غلبة المسلمين أو الحشر لكنه كائن لا محالة .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖۖ وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ} (109)

وقوله تعالى { آذنتكم على سواء } معناه عرفتكم بنذارتي وأردت أن تشاركوني في معرفة ما عندي من الخوف عليكم من الله تعالىز

ثم أعلمهم بأنه لا يعرف تعيين وقت لعقابهم بل هو مترقب في القرب والبعد وهذا أهول وأخوف .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖۖ وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ} (109)

أي فإن أعرضوا بعد هذا التبيين المفصّل والجامع فأبلغهم الإنذار بحلول ما توّعدهم الله به .

والإيذان : الإعلام ، وهو بوزن أفعل من أذِن لكذا بمعنى سمع . واشتقاقه من اسم الأُذُن ، وهي جارحة السمع ، ثم استعمل بمعنى العلم بالسمع ثم شاع استعماله في العلم مطلقاً .

وأما ( آذن ) فهو فعل متعد بالهمزة وكثر استعمال الصيغتين في معنى الإنذار وهو الإعلام المشوب بتحذير . فمن استعمال أذِن قوله تعالى : { فأذنوا بحرب من الله ورسوله } [ البقرة : 279 ] ، ومن استعمال ( آذن ) قول الحارث بن حِلزة :

آذنتنا ببينها أسماء

وحذف مفعول { آذنتكم } الثاني لدلالة قوله تعالى { ما توعدون } عليه ، أو يقدر : آذنتكم ما يوحى إليّ لدلالة ما تقدم عليه . والأظهر تقدير ما يشمل المعنيين كقوله تعالى : { فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم } [ هود : 57 ] .

وقوله تعالى : { على سواء } ( على ) فيه للاستعلاء المجازي ، وهو قوة الملابسة وتمكّن الوصف من موصوفه .

و ( سَواء ) اسم معناه مستو . والاستواء : المماثلة في شيء ويجمع على أسواء . وأصله مصدر ثم عومل معاملة الأسماء فجمعوه لذلك ، وحقّه أن لا يجمع فيجوز أن يكون { على سواء } ظرفاً مستقراً هو حال من ضمير الخطاب في قوله تعالى { آذنتكُم } أي أنذرتكم مستوين في إعلامكم به لا يدعي أحد منكم أنه لم يبلغه الإنذار . وهذا إعذار لهم وتسجيل عليهم كقوله في خطبته « ألا هل بلّغت » .

ويجوز أن يتعلق المجرور بفعل { آذنتكم } قال أبو مسلم : الإيذان على السواء : الدعاء إلى الحرب مجاهرة لقوله تعالى : { فانبذ إليهم على سواء } [ الأنفال : 58 ] آه . يريد أن هذا مثل بحال النذير بالحرب إذ لم يكن في القرآن النازل بمكة دعاءٌ إلى حرب حقيقية . وعلى هذا المعنى يجوز أن يكون { على سواء } حالاً من ضمير المتكلم .

وحذف متعلق { آذنتكم } لدلالة قوله تعالى : { وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون } عليه ، ولأن السياق يؤذن به لقوله قبله : { حتى إذا فتحت ياجوج وماجوج } [ الأنبياء : 96 ] الآية . وتقدم عند قوله تعالى : { فانبذ إليهم على سواء } في [ سورة الأنفال : 58 ] .

وقوله : { وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون } يشمل كل ما يوعدونه من عقاب في الدنيا والآخرة إن عاشوا أو ماتوا .

و ( إنْ ) نافية وعلق فعل { أدري } عن العمل بسبب حرف الاستفهام وحُذف العائد . وتقديره : ما توعدون به .