قوله : { آذَنتُكُمْ } : أي : أَعْلَمْتُكم . فالهمزةُ فيه للنقلِ . قال الزمخشري : " آذن منقولٌ مِنْ أَذِنَ إذا عَلِمَ ، ولكنه كَثُرَ استعمالُه في الجَرْيِ مَجْرى الإِنذار . ومنه قولُه تعالى : { فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ } [ البقرة : 279 ] وقول ابن حِلِّزَة :
/آذَنَتْنا بِبَيْنِها أسماءُ *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
قلت : وقد تقدَّم تحقيقُ هذا في البقرة .
قوله : { عَلَى سَوَآءٍ } في محلِّ نصبٍ على الحال من الفاعل والمفعول معاً ، أي : مُسْتَوِين في العلم بما أَعْلَمْتُكم به لم يَطْوِه عن أحدٍ منهم .
قوله : { وَإِنْ أَدْرِي } العامَّةُ على إرسالِ الياء ساكنةً ، إذ لا مُوْجِبَ لغيرِ ذلك . ورُوي عن أبن عباس أنه قرأ : " وإنْ أَدْريَ أقريبٌ " ، " وَإِنْ أَدْرِيَ لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ " بفتح الياءَيْن . وخُرِّجَتْ على التشبيهِ بياءِ الإِضافة . على أن ابنَ مجاهدٍ أنكر هذه القراءةَ البتة . وقال ابن جني : " هو غَلَطٌ ، لأنَّ " إنْ " نافيةٌ لا عملَ لها " . ونَقَل أبو البقاء عن غيرِه أنه قال في تخريجها : " إنه ألقى حركةَ الهمزةِ على الياءِ فتحرَّكَتْ وبقيتْ الهمزةُ ساكنةً ، فأُبْدِلَتْ ألفاً لانفتاحِ ما قبلها ، ثم أُبْدِلَتْ همزةً متحركةً ؛ لأنها في حُكْمِ المبتدأ بها ، والابتداءُ بالساكنِ مُحالٌ . وهذا تخريجٌ متكلِّفٌ لا حاجةَ إليه . ونِسْبَةُ راويها عن ابن عباس إلى الغلطِ أَوْلَى من هذا التكلُّفِ ، فإنها قراءةٌ شاذةٌ مُنْكَرَة . وهذا التخريجُ وإنْ نَفَعَ في الأولى فلا يُجْدي في الثانيةِ شيئاً . وسيأتي لك قريبٌ من ادِّعاء قَلْبِ الهمزةِ ألفاً ثم قَلْبِ الألفِ همزةً في قوله : { مِنسَأَتَهُ }
[ سبأ : 14 ] إنْ شاء اللهُ تعالى ، وبذلك يَسْهُلُ الخَطْبُ في التخريج المذكور .
والجملةُ الاستفهاميةُ في محلِّ نصبٍ ب " أدْري " لأنها معلِّقَةٌ لها عن العملِ ، وأَخَّر المُسْتَفْهَمَ عنه لكونِه فاصلةً . ولو وَسَّطه لكان التركيبُ : أقريب ما تُوعدون أم بعيدٌ ، ولكنه اُخِّر مراعاةً لرؤوسِ الآي .
و { مَّا تُوعَدُونَ } يجوز أَنْ يكونَ مبتدأ ، وما قبله خبرٌ عنه ومعطوفٌ عليه . وجَوَّز أبو البقاء فيه أن يرتفعَ فاعلاً ب " قريبٌ " . قال : " لأنه اعتمد على الهمزة " . قال : " ويُخَرَّج على قولِ البصريينَ أن يرتفعَ ب " بعيد " لأنه أقربُ إليه " . قلت : يعني أنه يجوزُ أَنْ تكونَ المسألةُ من التنازع فإنَّ كلاً من الوصفَيْنِ يَصِحُّ تَسَلُّطُه على " ما تُوْعَدون " من حيث المعنى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.