البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖۖ وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ} (109)

{ آذنتكم } أعلمتكم وتتضمن معنى التحذير والنذارة { على سواء } لم أخص أحداً دون أحد ، وهذا الإيذان هو إعلام بما يحل بمن تولى من العقاب وغلبة الإسلام ، ولكني لا أدري متى يكون ذلك و { إن } نافية و { أدري } معلقة والجملة الاستفهامية في موضع نصب بأدري .

وتأخر المستفهم عنه لكونه فاصلة إذ لو كان التركيب { أقريب } { ما توعدون } { أم بعيد } لم تكن فاصلة وكثيراً ما يرجح الحكم في الشيء لكونه فاصلة آخر آية .

وعن ابن عامر في رواية { وإن أدري } بفتح الياء في الآيتين تشبيهاً بياء الإضافة لفظاً ، وإن كانت لام الفعل ولا تفتح إلاّ بعامل ، وأنكر ابن مجاهد فتح هذه الياء والمعنى أنه تعالى لم يعلمني علمه ولم يطلعني عليه ، والله هو العالم الذي لا يخفى عليه شيء .