نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖۖ وَإِنۡ أَدۡرِيٓ أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٞ مَّا تُوعَدُونَ} (109)

ولما كان توليهم بعد هذه القواطع مستبعد ، أشار إلى ذلك بإيراده بأداة الشك فقال : { فإن تولوا } أي لم يقبلوا ما دعوتهم إليه { فقل } أي لهم{[52095]} : { ءاذنتكم } أي أعلمتكم ببراءتي منكم وأني غير راجع إليكم أبداً كما أنكم تبرأتم مني ولم ترجعوا إليّ ، فصار علمكم أن لا صلح بيننا مع التولي كعلمي وعلم من اتبعني . {[52096]}لتتأهبوا لجميع ما تظنونه{[52097]} ينفعكم ، فهو كمن بينه وبين أعدائه هدنة فأحس منهم بغدره ، فنبذ إليهم العهد ، شهر ذلك النبذ وأشاعه فلم يخفه عن أحد منهم ، وهو مما اشتهر أنه بلغ النهاية في الفصاحة والوجازة{[52098]} ، أو أبلغتكم جميع ما أرسلت به ولم أخص به أحداً دون أحد ، وهذا كله معنى{[52099]} { على سواء } أي إيذاناً مستعلياً على أمر نصف وطريق عدل ، ليس فيه شيء من خفاء ولا غش ولا خداع ولا غدر ، بل نستوي فيه نحن وأنتم .

ولما كان من لازم البراءة من شخص الإيقاع به{[52100]} كان موضع أن يقولوا هزؤاً على عادتهم : نبذت إلينا على سواء فعجل{[52101]} لنا ما تتوعدنا{[52102]} به ، فقال : { وإن } أي وما { أدري أقريب } جداً بحيث يكون قربه على ما تتعارفونه { أم بعيد ما توعدون* } من عذاب الله في الدنيا بأيدي المسلمين أو بغيره ، أو في الآخرة مع العلم بأنه كائن لا محالة ، {[52103]}وأنه لا بد أن يلحق من أعرض عن الله الذل والصغار{[52104]} .


[52095]:زيد من ظ ومد إلا أن "أي" ليست في ظ.
[52096]:من مد، وفي الأصل وظ: لتاهبوا جميع ما تظنون.
[52097]:من مد، وفي الأصل وظ: لتاهبوا جميع ما تظنون.
[52098]:زيد من مد.
[52099]:من ظ ومد وفي الأصل: منى.
[52100]:زيد من مد.
[52101]:من ظ ومد، وفي الأصل: فجعل.
[52102]:من ظ ومد وفي الأصل: شهدنا.
[52103]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[52104]:سقط ما بين الرقمين من ظ.