{ في جيدها حبل من مسد } أي مما مسد ، أي فتل ، ومنه رجل ممسود الخلق ، أي مجدوله ، وهو ترشيح للمجاز ، أو تصوير لها بصورة الخطابة التي تحمل الحزمة وتربطها في جيدها تحقيرا لشأنها ، أو بيانا لحالها في نار جهنم ، حيث يكون على ظهرها حزمة من حطب جهنم كالزقوم والضريع ، وفي جيدها سلسلة من النار ، والظرف في موضع الحال ، أو الخبر ، وحبل مرتفع به .
وقوله تعالى : { في جيدها حبل من مسد } قال ابن عباس ، والضحاك والسدي ، وابن زيد : الإشارة إلى الحبل حقيقة ، وهو الذي ربطت به الشوك وحطبه ، قال السدي : ( والمسد ) : الليف ، وقيل : ليف المقل ، ذكره أبو الفتح ، وقال ابن زيد : هو شجر باليمن يسمى المسد ، تصنع منه الحبال ، وقال النابغة :
مقذوفة بدخيس النحض بازلها *** له صريف صريف القعو بالمسد{[12022]}
القعو : البكرة ، والمسد : الحبل . وقال عروة بن الزبير ، ومجاهد وغيرهما : هذا الكلام استعارة ، والمراد سلسلة من حديد في جهنم ، ذرعها سبعون ذراعا ، ونحو هذا من العبارات ، وقال قتادة : { حبل من مسد{ : قلادة من ودع ، قال ابن المسيب : كانت لها قلادة فاخرة ، فقالت : لأنفقنها على عداوة محمد .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله :
فإنما عبر عن قلادتها بحبل من مسد على جهة التفاؤل لها ، وذكر تبرجها في هذا السعي الخبيث ، وروي في الحديث أن هذه السورة لما نزلت وقرئت بلغت أم جميل ، فجاءت أبا بكر رضي الله عنه وهو مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فقالت : يا أبا بكر ، بلغني أن صاحبك هجاني ، ولأفعلن ولأفعلن ، وإني لشاعرة ، وقد قلت فيه :
فسكت أبو بكر ومضت هي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد حجبتني عنها ملائكة فما رأتني ، وكفى الله شرها{[12023]} " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.