الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فِي جِيدِهَا حَبۡلٞ مِّن مَّسَدِۭ} (5)

وقوله تعالى : { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ } قال ابنُ عباس وجماعة : الإشَارَةُ إلى الحبلِ حَقِيقَةٌ ، الذي رَبَطَتْ به الشوكَ ، والمَسَدُ : الليفُ ، وقِيلَ ليفُ المُقْلِ ، وفي «صحيحِ البخاري » : يُقَالُ مِنْ مسد لِيف المُقْلِ وهي السلسلةُ الَّتِي في النارِ ، انتهى . ورُوِي في الحديثِ أنَّ هذهِ السورةَ لما نزلتْ وقُرِئَتْ ؛ بَلَغَتْ أُمَّ جميلٍ فَجَاءَتْ أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ جَالسٌ معَ النبي صلى الله عليه وسلم في المسجدِ ، وَبِيَدِهَا فِهْرُ حَجَرٍ ، فأخَذَ اللَّهُ بِبَصَرِهَا ، وقَالَتْ : يا أبا بكرٍ ؛ بَلَغَنِي أنَّ صَاحِبَكَ هَجَانِي ، وَلَوْ وَجَدْتُه لَضَرَبْتُه بِهَذَا الفِهْرِ ، وإنّي لَشَاعِرَة ، وَقْد قلت فيه :

مُذَمَّماً قَلَيْنَا *** وَدِينَهُ أَبَيْنَا

فَسَكَتَ أبو بكرٍ ، ومضتْ هي ، فقالَ النبي صلى الله عليه وسلم : " لَقَدْ حَجَبَتْنِي عَنْهَا مَلاَئِكَةٌ ، فَمَا رَأَتْنِي ، وَكَفَانِيَ اللَّهُ شَرَّهَا ) .