ثم أخبره بما يصنع بها في الآخرة ، فقال :{ في جيدها } في عنقها يوم القيامة { حبل من مسد } آية يعني سلسلة من حديد . فلما نزلت هذه الآية في أبي لهب قيل لها : إن محمدا قد هجا زوجك ، وهجاك ، وهجا ولدك ، فغضبت وقامت فأمرت وليدتها أن تحمل ما يكون في بطن الشاة من الفرث والدم والقذر ، فانطلقت لتستدل على النبي صلى الله عليه وسلم لتلقي ذلك عليه فتصغره ، وتذله به لما بلغها عنه ، فأخبرت أنه في بيت عند الصفا ، فلما انتهت إلى الباب سمع أبو بكر ، رحمة الله عليه ، كلامها ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم داخل البيت ، فقال أبو بكر ، رحمة الله عليه : رسول الله ، إن أم جميل قد جاءت ، وما أظنها جاءت بخير ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" اللهم خذ ببصرها" ، أو كما قال .
ثم قال لأبي بكر ، رحمة الله عليه :" دعها تدخل ، فإنها لن تراني" ، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر ، رحمة الله عليه ، جميعا ، فدخلت أم جميل البيت ، فرأت أبا بكر ، رحمة الله عليه ، ولم تر النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانا جميعا في مكان واحد ، فقالت : يا أبا بكر أين صاحبك ؟ فقال : وما أردت منه يا أم جميل ؟ قالت : إنه بلغني أنه هجاني ، وهجا زوجي ، وهجا أولادي ، وإني جئت بهذا الفرث لألقيه على وجهه ورأسه أذله بذلك ، فقال لها : والله ما هجاك ، ولا هجا زوجك ، ولا هجا ولدك .
قالت : أحق ما تقول يا أبا بكر ؟ قال : نعم ، فقالت : أما إنك لصادق ، وأنت الصديق ، وما أرى الناس إلا وقد كذبوا عليه ، فانصرفت إلى منزلها ، ثم إنه بدا لعتبة بن أبي لهب أن يخرج إلى الشام في تجارة ، وتبعه ناس من قريش حتى بلغوا الصفاح ، فلما هموا أن يرجعوا عنه إلى مكة ، قال لهم عتبة : إذا رجعتم إلى مكة ، فأخبروا محمدا بأني كفرت ب { النجم إذا هوى } [ النجم :1 ] ، وكانت أول سورة أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، قال :" اللهم سلط عليه كلبك يأكله" ، فألقى الله عز وجل في قلب عتبة الرعب لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا سار ليلا ما يكاد ينزل بليل .
فهجر بالليل ، فسار يومه وليلته ، وهم أن لا ينزل حتى يصبح ، فلما كان قبيل الصبح ، قال له أصحابه : هلكت الركاب ، فما زالوا به حتى نزل ، وعرس وإبله ، وهو مذعور ، فأناخ الإبل حوله مثل السرادق ، وجعل الجواليق دون الإبل مثل السرادق ، ثم أنام الرجال حوله دون الجواليق ، فجاء الأسد ، ومعه ملك يقوده ، فألقى الله عز وجل على الإبل السكينة ، فسكنت .
فجعل الأسد يتخلل الإبل ، فدخل على عتبة وهو في وسطهم فأكله مكانه ، وبقي عظامه وهم لا يشعرون ، فأنزل الله عز وجل في قوله حين قال لهم : قولوا لمحمد : إني كفرت بالنجم إذا هوى ، يعني القرآن إذ نزل ، أنزل فيه : { قتل الإنسان } يعني لعن الإنسان { ما أكفره } [ عبس :17 ] يعني عتبة ، يقول : أي شيء أكفره بالقرآن ، إلى آخر الآيات .
حدثنا عبد الله بن ثابت ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : كانت قريش وأم جميل تقول :
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ومن لطف الله أن قريشا تذم مذمما ، وأنا محمد" صلى الله عليه وسلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.