بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فِي جِيدِهَا حَبۡلٞ مِّن مَّسَدِۭ} (5)

{ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مّن مَّسَدٍ } أي من ليف . وقال أكثر أهل التفسير { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مّن مَّسَدٍ } يعني : في الآخرة في عنقها سلسلة من حديد ، وتحتها نار ، وفوقها نار . وروى سعيد بن جبير رضي الله عنه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : لما نزلت تبت يدا أبي لهب جاءت امرأة أبي لهب ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : لو تنحَّيْتَ يا رسول الله ، فإنها امرأة بذية ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «سَيُحَال بَيْنِي وَبَيْنَهَا » ، فدخلت فلم تره ، فقالت لأبي بكر رضي الله عنه : هجاناً صاحبك ، فقال : والله ما ينطق بالشعر ، ولا يقوله . قالت : إنك لمصدق ، فاندفعت راجعة ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله ، ما رأتك . فقال : «لَمْ يَزَلْ بَيْنِي وَبَيْنَها مَلَكٌ يَسْتُرُنِي عَنْهَا ، حَتَّى رَجِعَتْ » . وروى إسرائيل عن أبي إسحاق ، عن أبي يزيد بن زيد قال : لما نزلت هذه السورة ، قيل لامرأة أبي لهب : إن النبي صلى الله عليه وسلم قد هجاك . فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في الخلاء ، وقالت : يا محمد صلى الله عليه وسلم ، على ماذا تهجوني ؟ فقال : «أَمَا وَلله مَا أَنَا هَجَوْتُكِ ، مَا هَجَاكِ إلاَّ الله عَزَّ وَجَلَّ » . قالت : هل رأيتني أحمل الحطب ، أو رأيت في جيدي حبلا من مسد ؟ وقال مجاهد : { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مّن مَّسَدٍ } مثل حديد البكرة ، وقال غيره- يعني عروة- : سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعاً . والله أعلم .