أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّواْ ٱلۡأَمَٰنَٰتِ إِلَىٰٓ أَهۡلِهَا وَإِذَا حَكَمۡتُم بَيۡنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحۡكُمُواْ بِٱلۡعَدۡلِۚ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِۦٓۗ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعَۢا بَصِيرٗا} (58)

{ إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } خطاب يعم المكلفين والأمانات ، وإن نزلت يوم الفتح في عثمان بن طلحة بن عبد الدار لما أغلق باب الكعبة ، وأبى أن يدفع المفتاح ليدخل فيها رسول الله وقال : لو علمت أنه رسول الله لم أمنعه فلوى علي كرم الله وجهه يده وأخذه منه وفتح ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى ركعتين فلما خرج سأله العباس رضي الله عنه أن يعطيه المفتاح ويجمع له السقاية والسدانة . فنزلت فأمره الله أن يرده إليه ، فأمر عليا رضي الله عنه أن يرده ويعتذر إليه ، وصار ذلك سببا لإسلامه ونزل الوحي بأن السدانة في أولاده أبدا { وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل أي وأن تحكموا بالإنصاف والسوية إذا قضيتم بين من ينفذ عليه أمركم ، أو يرضى بحكمكم ولأن الحكم وظيفة الولاة قيل الخطاب لهم . { إن الله نعما يعظكم به } أي نعم شيئا بيعظكم به ، أو نعم الشيء الذي يعظكم به فما منصوبة موصوفة بيعظكم به . أو مرفوعة موصولة به . والمخصوص بالمدح محذوف وهو المأمور به من أداء الأمانات والعدل في الحكومات . { إن الله كان سميعا بصيرا } بأقوالكم وأحكامكم وما تفعلون في الأمانات .