التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{وَلَا تَطۡرُدِ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ رَبَّهُم بِٱلۡغَدَوٰةِ وَٱلۡعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجۡهَهُۥۖ مَا عَلَيۡكَ مِنۡ حِسَابِهِم مِّن شَيۡءٖ وَمَا مِنۡ حِسَابِكَ عَلَيۡهِم مِّن شَيۡءٖ فَتَطۡرُدَهُمۡ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} (52)

قوله تعالى : ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي . . . ) إلى قوله ( سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة . . . )

قال الشيخ الشنقيطي : نهى الله جل و علا في هذه الآية الكريمة نبيه صلى الله عليه وسلم عن طرد ضعفاء المسلمين وفقرائهم الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ، وأمره في آية أخرى أن يصبر نفسه معهم ، وأن لا تعدو عيناه معهم إلى أهل الجاه والمنزلة في الدنيا ، ونهاه عن إطاعة الكفرة في ذلك وهي قوله ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمرا فرطا ) كما أمره هنا بالسلام عليهم ، و بشارتهم برحمة ربهم جل و علا قوله ( وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة ) الآية ، و بين في آيات أخر أن طرد ضعفاء المسلمين الذي طلبه كفار العرب من نبينا صلى الله عليه وسلم فنهاه الله عنه ، طلبه أيضا قوم نوح من نوح ، فأبى كقوله تعالى عنه ( وما أنا بطارد الذين آمنوا )الآية ، و قوله ( يا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم ) ، الآية ، وقوله ( وما أنا بطارد الذين آمنوا ) ، وهذا من تشابه قلوب الكفار المذكور في قوله تعالى ( تشابهت قلوبهم )الآية .

قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة . حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي عن إسرائيل ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن سعد . قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ستة نفر . فقال المشركون للنبي صلى الله عليه وسلم : اطرد هؤلاء لا يجترءون علينا . قال : وكنت أنا وابن مسعود ، ورجل من هذيل ، و بلال . ورجلان لست أسميهما . فوقع في نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقع فحدث نفسه . فأنزل الله عز وجل : و لا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) .

( صحيح مسلم4/1878-ك فضائل الصحابة ، ب فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ) .

أخرج الطبري بسنده الصحيح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :

( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي ) يعني : يعبدون ربهم ( بالغداة والعشي ) يعني الصلاة المكتوبة .