قوله : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم ( بالغداة{[19972]} والعشي ){[19973]} } الآية [ 53 ] .
قوله : { فتكون من الظالمين } : جواب النهي{[19974]} ، و{ فتطردهم }{[19975]} جواب النفي{[19976]} .
والتقدير : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه }{[19977]} ، فتكون من الظالمين ، ما عليك من حسابهم من شيء فتطردهم : آخر الكلام لأوَّلِه{[19978]} ، وأوسطُهُ لأوسَطِهِ{[19979]} .
وهذه الآية نزلت في سبب جماعة صحبوا رسول الله – من ضعفاء المسلمين – فقالت قريش للنبي – وعنده صهيب{[19980]} وعمار{[19981]} بن ياسر وبلال وخباب{[19982]} ، ونحوهم من الضعفاء{[19983]} - : يا محمد ، رضيت بهؤلاء{[19984]} ( من قومك ، أهِؤلاء ){[19985]} { من الله عليهم من بيننا }{[19986]} ، أنحن نكون تبعا لهؤلاء ؟ ، اطْرُدْهم ، فلعلك إنْ طَرَدْتَهم{[19987]} أن نتبعك{[19988]} ، فنزلت هذه الآية : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم } الآية{[19989]} .
وروي عن خباب أنه قال : جاء ناس من المشركين والنبي صلى الله عليه وسلم جالس مع بلال وصهيب وخباب وعمار في أناس{[19990]} من الضعفاء من المؤمنين ، فلما رأوهم حول حقّروهم ، فأتوا فقالوا : إنا نحب أن تجعل{[19991]} لنا منك مجلسا تعرف لنا به العرب فضلنا ، فإن وفود العرب تأتيك{[19992]} فنستحي{[19993]} أن ترانا العرب مع هؤلاء الأعبُدِ ، فإذا جئناك فأقْصِهِم{[19994]} ، فإذا نحن فرغنا فاقعد معهم{[19995]} إن شئت . قال نعم . فقالوا : فاكتب{[19996]} ( لنا عليك ){[19997]} /{[19998]} بذلك كتابا . قال : فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالصحيفة ودعا عليّاً ليكتب{[19999]} . قال : ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبريل بقوله : { ولا تطرد الذين يدعون ربهم } الآية ، ثم قال له : { وكذلك فتنا بعضهم ببعض } الآية{[20000]} ، ثم قال ( له ){[20001]} : { وإذا جاءك الذين يومنون بآياتنا فقل سلام عليكم } الآية{[20002]} . فألقى النبي الصحيفة من يده ، ثم دعانا فأتيناه وهو يقول : { كتب ربكم على نفسه الرحمة }{[20003]} ، فكنا{[20004]} نقعد معه ، فإذا أراد أن يقوم{[20005]} تَرَكنا ، فأنزل الله { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه }{[20006]} ( الآية ){[20007]} ، فكان رسول الله يقعد معنا بعد ذلك ، فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها ، ( قمنا ){[20008]} وتركناه حتى يقوم{[20009]} .
وقال الفضيل{[20010]} في هذه الآية : جاء قوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : إنا قد أًصبنا من الذنوب ، فاستغفر لنا . فأعرض عنهم ، فأنزل الله عز وجل : { وإذا جاءك الذين يومنون بآياتنا } الآية{[20011]} .
وقيل : إنما أراد المشركون أن يطرد النبي صلى الله عليه وسلم الفقراء ، ( فيحتجوا عليه{[20012]} إذ لم يتبعه الفقراء ، ويقولوا{[20013]} : إن أتباع النبي الفقراء ){[20014]} . فعصمه{[20015]} الله مما أرادوا به .
وقال الكلبي : ( أبو طالب ){[20016]} عم النبي ( هو الذي ){[20017]} قال للنبي : اطرد فلانا وفلانا{[20018]} . وإن ناسا من أصحاب النبي قالوا : يا رسول الله ، صدق عمك فاطرد عنا سفلة الموالي . فعاتبهم الله في الآية الأولى{[20019]} ، فجاءوا يعتذرون من قولهم ( أطردهم ) ، فأنزل الله : { وإذا جاءك الذين يومنون بآياتنا فقل سلام عليكم }{[20020]} .
ومعنى : { يدعون ربهم بالغداة والعشي } قال مجاهد : ( هي ){[20021]} ( الصلاة المفروضة : الصبح والعصر ){[20022]} . وقال ابن عباس : هي الصلوات المفروضة الخمس{[20023]} ، وقاله الحسن{[20024]} . وكذلك قالوا كلهم في قوله : { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي }{[20025]} .
وقال قتادة والضحاك : هي صلاة{[20026]} الصبح والعصر{[20027]} . وعن ابن عمر قال : يشهدون المكتوبة{[20028]} .
وقيل : معنى الدعاء – هنا - : ذكرهم الله غدوة وعشيا{[20029]} . وقيل : الدعاء هنا : العبادة{[20030]} . وقيل{[20031]} : هو إِقْراء القرآن{[20032]} .
وقال الحسن : يعني الصلاة{[20033]} التي فرضت بمكة : ركعتان غدوة وركعتان عشية ، وهذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس{[20034]} . وقال عمرو{[20035]} بن شعيب : هما صلاة الصبح وصلاة العصر . وقد قيل : إنهم القُصَاصَ{[20036]} . وأنكر ذلك جماعة من الصحابة والتابعين{[20037]} .
وروي أنهم سألوا النبي أن يؤخر هؤلاء عن الصف الأول{[20038]} .
والتمام هنا : { فتكون من الظالمين } ، لأنه جواب النهي ، وقد قيل : { فتطردهم } تمام ، وليس بجيد{[20039]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.