التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{إِذۡ تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلۡفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةِ مُرۡدِفِينَ} (9)

قوله تعالى : { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين }

قال مسلم : حدثنا هناد بن السري ، حدثنا ابن المبارك ، عن عكرمة بن عمار ، حدثني سماك الحنفي قال : سمعت ابن عباس يقول : حدثني عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم بدر . ح وحدثنا زهير بن حرب ( واللفظ له ) . حدثنا عمر بن يونس الحنفي ، حدثنا عكرمة بن عمار ، حدثني أبو زميل ( هو سماك الحنفي ) . حدثني عبد الله بن عباس قال : حدثني عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم بدر ، نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف ، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا . فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة . ثم مد يديه فجعل يهتف بربه : ( اللهم أنجز لي ما وعدتني . اللهم ! آت ما وعدتني ، اللهم ! إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض ) . فما زال يهتف بربه ، مادا يديه ، مستقبل القبلة ، حتى سقط رداؤه عن منكبيه . فأتاه أبو بكر . فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه . ثم التزمه من ورائه . وقال : يا نبي الله ! كذاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك . فأنزل الله عز وجل : { إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين } فأمده الله بالملائكة .

قال أبو زميل : فحدثني ابن عباس قال : بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه ، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه . وصوت الفارس يقول : أقدم حيزوم . فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا . فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه ، وشق وجهه كضربة السوط . فاخضر ذلك أجمع . فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : ( صدقت ، ذلك من مدد السماء الثالثة ) فقتلوا يومئذ سبعين ، وأسروا سبعين .

قال أبو زميل : قال ابن عباس : فلما أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر : ( ما ترون في هؤلاء الأسارى ) ؟ فقال أبو بكر : يا نبي الله ! هم بنو العم والعشيرة ، أرى أن تأخذ منهم فدية ، فتكون لنا قوة على الكفار ، فعسى الله أن يهديهم للإسلام . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما ترى ؟ يا ابن الخطاب ! ) " قلت : لا . والله ! يا رسول الله ! ما أرى الذي رأى أبو بكر . ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم ، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه . وتمكني من فلان " نسيبا لعمر " : فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها . فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت . فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان . قلت : يا رسول الله ! أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ، فإن وجدت بكاء بكيت . وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء . لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة ) " شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم " وأنزل الله عز وجل { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } إلى قوله { فكلوا مما غنتم حلالا طيبا } فأحل الله الغنيمة لهم .

( الصحيح 3/1383 – 1385 – ك الجهاد والسير ، ب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر وإباحة الغنائم ) .

قال الضياء المقدسي : أخبرنا زاهر بن أحمد بن حامد الثقفي ، أن أبا عبد الله الحسين بن عبد الملك الأديب أخبرهم – قراءة عليه – أنا إبراهيم سبط بحرويه ، أنا محمد بن إبراهيم بن المقرئ ، أنا أحمد بن علي ، ثنا عبيد الله – هو القواريري – ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا مسعر عن أبي عون ، عن أبي صالح الحنفي ، عن علي قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر ولأبي بكر : ( مع أحدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل وإسرافيل عليهم السلام ، ملك عظيم يشهد القتال أو يكون في القتال ) .

( المختارة 2/257 – 259 ح 633 – 636 ) ، وأخرجه أحمد ( المسند 2/308 ح 1256 ) ، وأبو يعلى ( المسند 1/283 – 284 ح 340 ) ، والبزار في ( البحر الزخار 2/33 ح 729 ) ، والحاكم في ( المستدرك 3/68 ) كلهم من طريق مسعر به . وصححه الحاكم ووافقه الذهبي . وعزاه الهيثمي إلى أحمد والبزار وقال : ورجالهما رجال الصحيح ( المجمع 6/82 ) . وصحح إسناده أحمد شاكر ومحقق مسند أبي يعلى ومحقق المختارة .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة : { بألف من الملائكة مردفين } أي : متتابعين .