الاستغاثة طلب الغوث والنصر غوث الرجل قال واغوثاه والاسم الغوث والغواث والغواث .
وقيل الاستغاثة طلب سر الخلة وقت الحاجة ، وقيل الاستجارة .
ردف وأردف بمعنى واحد تبع ويقال أردفته إياه أي اتبعته .
{ إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألفٍ من الملائكة مردفين } .
استغاث طلب الغوث لما علموا أنه لا بدّ من القتال شرعوا في طلب الغوث من الله تعالى والدعاء بالنصرة والظاهر أنه خطاب لمن خوطب بقوله وإذ { يعدكم } { وتودّون } وأن الخطاب في قوله { كما أخرجك } { ويجادلونك } هو خطاب للرسول ولذلك أفرد فالخطابان مختلفان ، وقيل المستغيث هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وروي عن ابن عباس أنه قال : حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر نظر إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف وإلى المشركين وهم ألف فاستقبل القبلة ومدّ يده وهو يقول : «اللهم أنجزني ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض » ولم يزل كذلك حتى سقط رداؤه فرده أبو بكر رضي الله عنه كفاك يا رسول الله مناشدتك الله فإنه سينجز لك ما وعدك ، قالوا فيكون من خطاب الواحد المعظّم خطاب الجميع ، وروي أن أبا جهل عندما اصطفّ القوم قال : اللهم أولانا بالحق فانصره { وإذ } بدل من { إذ يعدكم } قاله الزمخشري وابن عطية وكان قد قدم أن العامل في { إذ يعدكم } { اذكر } ، وقال الطبري هي متعلقة بيحق و { يبطل } وأجاز هو والحوفي أن تكون منصوبة بيعدكم وأجاز الحوفي أن تكون مستأنفة على إضمار واذكروا وأجاز أبو البقاء أن تكون ظرفاً لتودون واستغاث يتعدى بنفسه كما هو في الآية ويتعدى بحرف جر كما جاء في لفظ سيبويه في باب الاستغاثة ، وفي باب ابن مالك في النحو المستغاث ولا يقول المستغاث به وكأنه لما رآه في القرآن تعدّى بنفسه قال المستغاث ولم يعده بالباء كما عداه سيبويه والنحويون وزعم أن كلام العرب بخلاف ذلك وكلامه مسموع من كلام العرب فما جاء معدى بالباء قول الشاعر :
حتى استغاث بماء لا رشاء له *** من الأباطح في حاجاته البرك
مكلّل بأصول النبت تنسجه *** ريح حريق لضاحي مائه حبك
كما استغاث بشيء قبر عنطلة *** خاف العيون ولم ينظر به الحشك
وقرأ الجمهور { أني } بفتح أي بأني وعيسى بن عمر ورواها عن أبي عمرو وإني بكسرها على إضمار القول على مذهب البصريين أو على الحكاية باستجاب لإجرائه مجرى الفعل إذ سوى في معناه وتقدم الكلام في شرح استجاب .
وقرأ الجمهور { بألف } على التوحيد والجحدري بآلف على وزن أفلس وعنه وعن السدّي بآلف والجمع بين الأفراد والجمع أن يحمل الأفراد على من قاتل منهم أو على الوجوه الذين من سواهم اتباع لهم ؛ وقرأ نافع وجماعة من أهل المدينة وغيرهم مردفين بفتح الدال وباقي السبعة والحسن ومجاهد بكسرها أي متابعاً بعضهم بعضاً ، وروي عن ابن عباس : خلف كلَّ ملك ملك وراءه .
وقرأ بعض المكيين فيما روى عنه الخليل بن أحمد وحكاه عن ابن عطية { مردفين } بفتح الراء وكسر الدال مشددة أصله مرتدفين فأدغم ؛ وقال أبو الفضل الرازي وقد يجوز فتح الراء فراراً إلى أخفّ الحركات أو لثقل حركة التاء إلى الراء عند الإدغام ولا يعرف فيه أثراً انتهى ؛ وروي عن الخليل أنه يضمّ الراء اتباعاً لحركة الميم لقولهم مخضم ؛ وقرىء كذلك إلا أنه بكسر الراء اتباعاً لحركة الدال أو حرّكت بالكسر على أصل التقاء الساكنين .
قال ابن عطية : ويحسن مع هذه القراءة كسر الميم ولا أحفظه قراءة كقولهم مخصم ، وتقدّم الكلام في عدد الملائكة وهل قاتلت أم لم تقاتل في آل عمران ولم تتعرض الآية لقتالهم والظاهر أن قراءة من قرأ { مردفين } بسكون الراء وفتح الدال أنه صفة لقوله { بألف } أي أردف بعضهم لبعض ؛ قال ابن عطية : ويحتمل أن يراد بالمردفين المؤمنين أي أردفوا بالملائكة فمردفين على هذا حال من الضمير قال الزمخشري وأردفته إياه إذا اتبعته ويقال أردفته كقولك اتبعته إذا جئت بعده فلا يخلو المسكور الدال أن يكون بمعنى متبعين أو متبعين فإن كان بمعنى متبعين فلا يخلو أن يكون بمعنى متبعين بعضهم بعضاً أو متبعين بعضهم لبعض أو بمعنى متبعين إياهم المؤمنون أي يتقدمونهم فيتبعونهم أنفسهم أو متبعين لهم يشيعوهم ويقدمونهم بين أيديهم وهم على ساقتهم ليكونوا على أعينهم وحفظهم أو بمعنى متبعين أنفسهم ملائكة آخرين أو متبعين غيرهم من الملائكة ويعضد هذا الوجه قوله تعالى في سورة آل عمران
{ بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين } { بخمسة آلاف من الملائكة مسومين } انتهى .
وهذا تكثير في الكلام وملّخصه أنّ اتّبع مشدداً يتعدى إلى واحد واتبع مخففاً يتعدى إلى اثنين وأردف أتى بمعناهما والمفعول لاتبع محذوف والمفعولان لاتبع محذوفان فيقدر ما يصح به المعنى وقوله أو متبعين إياهم المؤمنين هذا ليس من مواضع فصل الضمير بل مما يتصل وتحذف له النون لا يقال هؤلاء كاسون إياك ثوباً بل يقال كاسوك فتصحيحه أن يقول أو بمعنى متبعيهم المؤمنين أو يقول أو بمعنى متبعين أنفسهم المؤمنين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.