التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{إِذۡ يُغَشِّيكُمُ ٱلنُّعَاسَ أَمَنَةٗ مِّنۡهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيۡكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءٗ لِّيُطَهِّرَكُم بِهِۦ وَيُذۡهِبَ عَنكُمۡ رِجۡزَ ٱلشَّيۡطَٰنِ وَلِيَرۡبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمۡ وَيُثَبِّتَ بِهِ ٱلۡأَقۡدَامَ} (11)

قوله تعالى : { إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام }

قال ابن كثير : يذكرهم الله تعالى بما أنعم به عليهم من إلقائه النعاس عليهم أماناً أمنهم به من خوفهم الذي حصل لهم من كثرة عدوهم وقلة عددهم ، وكذلك فعل تعالى بهم يوم أحد كما قال تعالى { ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاساً يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم } الآية ، قال أبو طلحة : كنت ممن أصابه النعاس يوم أحد ، ولقد سقط السيف من يدي مراراً يسقط وآخذه ، ويسقط وآخذه ، ولقد نظرت إليهم يميدون وهم تحت الجحف .

وأحسن ما في هذا ما رواه الإمام محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي رحمه الله حدثني يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير قال : بعث الله السماء وكان الوادي دهسا فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما لبد لهم الأرض ولم يمنعهم من المسير وأصاب قريشا ما لم يقدروا على أن يرحلوا معه وقال مجاهد : أنزل الله عليهم المطر قبل النعاس فأطفأ بالمطر الغبار وتلبدت به الأرض وطابت نفوسهم وثبتت به أقدامهم .

قال الطبري : حدثني المثنى قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن عبد الله – وهو ابن مسعود – قال : النعاس في القتال أمنة من الله عز وجل ، وفي الصلاة من الشيطان .

وأخرجه من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري به . وسنده صحيح .

انظر حديث مسلم السابق تحت الآية ( 9 ) من السورة نفسها .

وأخرجه مسلم بسنده الصحيح عن أبي هريرة مرفوعا : " اجتنبوا السبع الموبقات . . . ومنها . . . التولي يوم الزحف " .

( الصحيح 1/92 ح 89 – الإيمان – ب الكبائر ) .

أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : نزل النبي صلى الله عليه وسلم يعني : حين سار إلى بدر والمسلمون بينهم وبين الماء رملة دعصة ، فأصاب المسلمين ضعف شديد ، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ ، فوسوس بينهم : تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله ، وقد غلبكم المشركون على الماء ، وأنتم تصلون مجنبين ! فأمطر الله عليهم مطرا شديدا ، فشرب المسلمون وتطهروا وأذهب الله عنهم رجز الشيطان ، وثبت الرمل حين أصابه المطر ، ومشى الناس عليه والدواب ، فساروا إلى القوم ، وأمد الله نبيه بألف من الملائكة ، فكان جبريل عليه السلام في خمسمئة من الملائكة مجنبة ، وميكائيل في خمسمئة مجنبة .

قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى { إذ يغشيكم النعاس أمنة منه } ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أنه ألقى النعاس على المؤمنين ليجعل قلوبهم آمنة غير خائفة من عدوها ، لأنا الخائف الفزع لا يغشاه النعاس ، وظاهر سياق هذه الآية أن النعاس ألقي عليهم يوم بدر ، لأن الكلام هنا في وقعة بدر ، كما لا يخفى .

وذكر في سورة آل عمران أن النعاس غشيهم أيضا يوم أحد وذلك في قوله تعالى في وقعة أحد { ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا } الآية .