وقوله { إذ تستغيثون } بدل من قوله { وإذ يعدكم } وقيل : يتعلق بقوله { ليحق الحق } واستغاثتهم أنهم لما علموا أنه لا بد من القتال طفقوا يدعون الله يقولون : يا غياث المستغيثين أغثنا . وعن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى المشركين وهم ألف وإلى أصحابه ثلثمائة ، فاستقبل القبلة ومد يديه يدعو : اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض ، فما زال كذلك حتى سقط رداؤه ، فأخذه أبو بكر فألقاه على منكبه والتزمه من ورائه وقال : يا نبي الله كفاك منا شدّتك بالدعاء ربك فإنه سينجز لك ما وعدك . ويروى أنه لما اصطف القوم قال أبو جهل : اللهم أولانا بالحق فانصره . ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بالدعاء المذكور . ومعنى تستغيثون تطلبون الإغاثة ، يقول الواقع في بلية أغثني أي فرج عني { فاستجاب لكم } ، { أني } أي بأني { ممدكم بألف من الملائكة مردفين } بكسر الدال وفتحها من أردفته إياه إذا أتبعته متعدياً إلى مفعولين ، أو من ردفته إذا أتبعته أي جئت بعده متعدياً إلى مفعول واحد . ومعنى الأوّل جاعلين بعضهم أو مجعولين بعضهم تابعاً لبعض أو أنفسهم تابعين للمؤمنين يحرسونهم أو لملائكة أخرى . ومعنى الثاني تابعين بعضهم للبعض أو للمؤمنين يقدمونهم على ساقتهم يحفظونهم أو لغيرهم من الملائكة . واختلف في قتال الملائكة يوم بدر فقيل : نزل جبرائيل في خمسمائة ملك على الميمنة وفيها أبو بكر ، وميكائيل في خمسمائة على الميسرة وفيها علي بن أبي طالب في صور الرجال عليهم ثياب بيض وعمائم بيض قد أرخوا أذنابها بين أكتافهم فقاتلت ، وقيل : قاتلت يوم بدر ولم تقاتل يوم الأحزاب ويوم حنين . وعن أبي جهل أنه قال لابن مسعود : من أين كان ذلك الصوت الذي كنا نسمع ولا نرى شخصاً ؟ قال : من الملائكة . فقال أبو جهل : هم غلبونا لا أنتم . وروي أن رجلاً من المسلمين بينا هو يشتد في أثر رجل من المشركين إذ سمع صوت ضربة بالسوط فوقه فنظر إلى المشرك قد خر مستلقياً وشق وجهه ، فحدث الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم : «صدقت ذاك من مدد السماء » وعن أبي داود المازني قال : تبعت رجلاً من المشركين لأضربه يوم بدر فوقع رأسه بين يدي قبل أن يصل إليه سيفي . قيل : لم يقاتلوا وإنما كانوا يكثرون السواد ويثبتون المؤمنين وإلا فملك واحد كافٍ في إهلاك أهل الدنيا ، وقد أجبنا عن هذه الشبهة في تفسير سورة آل عمران وكذا في تفسير قوله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.