نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{إِنَّ فِي ٱخۡتِلَٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ ٱللَّهُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَأٓيَٰتٖ لِّقَوۡمٖ يَتَّقُونَ} (6)

ولما أشار سبحانه إلى الاستدلال على فناء العالم بتغيره وإلى القدرة على البعث بإيجاد كل من الملوين بعد إعدامه في قوله - مؤكداً له{[37643]} لإنكارهم أن يكون في ذلك دلالة : { إن في اختلاف الليل } أي على تباين أوصافه { والنهار } أي كذلك { وما } أي وفيما { خلق الله } أي الذي له الإحاطة الكاملة { في السماوات والأرض } من أحوال السحاب والأمطار وما يحدث من ذلك الخسف{[37644]} والزلازل و{[37645]} المعادن والنبات{[37646]} والحيوانات وغير ذلك من أحوال الكل التي لا يحيط البشر بإحصائها ؛ لما أشار إلى ذلك ختمها بقوله : { لآيات } أي دلالات بينة{[37647]} جداً { لقوم يتقون* } أي أن من نظر في هذا الاختلاف وتأمل تغير الأجرام الكبار كان جديراً بأن يخاف من أن تغير{[37648]} أحواله وتضطرب أموره فيتقي الله لعلمه قطعاً بأن أهل هذه الدار غير مهملين ، فلا بد لهم من أمر ونهي وثواب وعقاب ؛ والاختلاف : ذهاب كل من الشيئين في غير جهة الآخر ، فاختلاف الملوين : ذهاب هذا في جهة الضياء وذاك في جهة الظلام ؛ والليل : ظلام من غروب الشمس إلى طلوع الفجر الثاني ، هو جمع ليلة كتمر وتمرة ؛ والنهار : اتساع الضياء من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ؛ والخلق : فعل الشيء على ما تقتضيه الحكمة ، وأصله التقدير ؛ ونبه بما خلق في السماوات والأرض على وجوه الدلالات . لأن الدلالة في الشيء قد تكون من جهة خلقه أو اختلاف صورته أو حسن منظره أو {[37649]}كثرة نفعه{[37650]} أو عظم أمره أو غير ذلك .


[37643]:سقط من ظ.
[37644]:من ظ، وفي الأصل: الحن ـ كذا.
[37645]:في ظ: النبات والمعادن.
[37646]:في ظ: النبات والمعادن.
[37647]:في ظ: بينات.
[37648]:من ظ، وفي الأصل: يغير.
[37649]:في ظ: لترفعه.
[37650]:في ظ: لترفعه.