ولما تضمن هذا التهديد العلم والقدرة ، قال عاطفاً على ما تقديره : فلله كل ما شوهد من أمرنا وأمركم وأمر عالم الغيب و{[40372]} الشهادة كله ما كان من ابتداء أمورنا { ولله } أي المحيط وحده بكل شيء مع ذلك { غيب السماوات والأرض } أي جميع ما غاب علمه عن العباد فهو تام العلم ، ومنه ما ينهى عنه وإن ظن الجهلة أنه خارج عن قدرته لما أظهر{[40373]} من الزجر عنه ومن كراهيته .
ولما كان السياق هنا لأنه سبحانه خلق الخلق ذواتهم ومعانيهم للاختلاف ، وكان تهديدهم على المعاصي ربما أوهم أنه بغير إرادته ، فكان ربما قال جاهل : أنا بريء من المخالفين لأوليائه كثيراً جداً ، وعادة الخلق أن من خالفهم خارج عن أمرهم ، كان الجواب على تقدير التسليم لهذا الأمر الظاهر : فله كان الأمر كله ظاهراً وباطناً{[40374]} { وإليه } أي وحده { يرجع } بعد أن كان ظهر للجاهل أن خرج عنه{[40375]} ؛ والرجوع : ذهاب الشيء إلى حيث ابتدأ منه { الأمر كله } في الحال على لبس وخفاء ، وفي المآل على ظهور واتضاح وجلاء ، فهو شامل القدرة كما هو شامل العلم ، فلا بد من أن يرجع إليه أمرك وأمر أعدائك ، أي يعمل فيه عمل من يرجع إليه الأمر فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، ولذلك سبب عن إسناد الأمور كلها إليه قوله{[40376]} : { فاعبده } أي وحده عبادة لا شوب فيها { وتوكل } معتمداً في أمورك كلها { عليه } فإنه القوي المتين ، وفي تقديم الأمر بالعبادة على التوكل تنبيه على أنه إنما ينفع العابد .
ولما كانت العادة جارية بأن{[40377]} العالم قد يغفل ، نزه عن ذلك سبحانه نفسه{[40378]} فقال مرغباً مرهباً{[40379]} : { وما ربك } أي المحسن إليك بما{[40380]} يعلمه بإحاطة علمه{[40381]} إحساناً ، وأغرق في النفي فقال : { بغافل عما تعملون* } ولا تهديد أبلغ من العلم{[40382]} ، وهذا بعينه مضمون قوله تعالى{ كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير الا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير {[40383]}وبشير{[40384]} }{[40385]}[ هود 1 - 2 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.