نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوٓاْ ءَالِهَتَكُمۡ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (68)

ولما وصل بهم إلى هذا الحد من البيان ، فدحضت حجتهم ، وبان عجزهم ، وظهر الحق ، واندفع الباطل ، فانقطعوا انقطاعاً فاضحاً ، {[51273]}أشار سبحانه إلى الإخبار عن ذلك بقوله استئنافاً{[51274]} : { قالوا } عادلين إلى العناد واستعمال القوة الحسية : { حرقوه } بالنار لتكونوا قد فعلتم فيه فعلاً هو أعظم مما فعل بآلهتكم { وانصروا آلهتكم } التي جعلها جذاذاً ؛ {[51275]}وأشار التعبير - بأداة الشك وفعل الكون واسم الفاعل إلى أن أذاه لا يسوغ ، وليس الحامل عليه إلا حيلة غلبت على الفطرة الأولى السليمة - في قوله{[51276]} : { إن كنتم فاعلين* } أي النصرة لها ، فإن النار أهول المعاقبات{[51277]} وأفظعها ، فهي أزجر لمن يريد مثل هذا الفعل ، واتركوا الجدال فإنه يورث ضد ما تريدون ، ويؤثر عكس ما تطلبون ، فعزموا على ذلك فجمعوا الحطب شهراً ووضعوه في جوبة{[51278]} من الأرض {[51279]}أحاطوا بها جداراً كما{[51280]} في الصافات{[51281]} حتى كان {[51282]}ذلك الحطب{[51283]} كالجبل ، وأضرموا فيه النار حتى كان على صفة لم يوجد في الأرض قط مثلها ، حتى إن كان الطائر ليمر بها في الجو فيحترق{[51284]} ، ثم ألقوه فيها بالمنجنيق فقال : حسبي الله ونعم الوكيل - أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ولأبي يعلى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

" لما ألقي إبراهيم عليه السلام في النار قال : اللهم ! إنك في السماء واحد وأنا في الأرض واحد ، عبدك{[51285]} " وقال البغوي{[51286]} : أتاه خازن المياه فقال : إن أردت أخمدت النار ، وأتاه خازن الرياح فقال : إن شئت طيرت النار في الهواء ، فقال إبراهيم : لا حاجة لي{[51287]} إليكم حسبي الله ونعم الوكيل .


[51273]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51274]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51275]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51276]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51277]:بهامش ظ: المعاقبات بفتح القاف جمع معاقبة وهي مصدر.
[51278]:أي حفرة.
[51279]:العبارة من هنا إلى "الصافات" ساقطة من ظ.
[51280]:من مد، وفي الأصل: كمل.
[51281]:راجع آية 97.
[51282]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51283]:سقط ما بين الرقمين من ظ.
[51284]:حسب قول ابن إسحاق – راجع معالم التنزيل على هامش لباب التأويل 4 / 243
[51285]:في ظ: أعبدك.
[51286]:في المعالم – راجع اللباب 4 / 243.
[51287]:زيد من ظ ومد والمعالم