فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قَالُواْ حَرِّقُوهُ وَٱنصُرُوٓاْ ءَالِهَتَكُمۡ إِن كُنتُمۡ فَٰعِلِينَ} (68)

{ قالوا } أي قال بعضهم لبعض لما أعيتهم الحيلة في دفع إبراهيم وعجزوا عن مجادلته وضاقت عليهم مسالك المناظرة .

{ حرقوه } انصرفا منهم إلى طريق الظلم والغشم وميلا منهم إلى إظهار الغلبة بأي وجه كان وعلى أي أمر اتفق ؛ وهكذا ديدن المبطل الممجوج إذا قرعت شبهتم بالحجة القاطعة ، وافتضح لا يبقى له مفزع إلا المناصبة .

والقائل هو النمرود بن كنعان بن السحاريب بن نمرود بن كوش بن حام بن نوح . وقيل القائل رجل من أكراد فارس اسمه هينون ، خسف الله به الأرض ثم قالوا : { وانصروا آلهتكم } أي انصروها بالانتقام من هذا الذي فعل بها ما فعل وبتحريفه .

{ إن كنتم فاعلين } للنصر ، فجمعوا له الحطب الكثير وأضرموا النار في جميعه وأوثقوا إبراهيم وجعلوه في منجنيق ورموه في النار . قاله المحلي ، وكانت مدة الجمع شهرا ومدة الإيقاد سبعة أيام ومدة مكث إبراهيم في النار سبعة أيام . وفي الرازي أربعين يوما أو خمسين ، ومثله في أبي السعود ، وكان وقت إلقائه فيها ابن ستة عشرة سنة ، وقيل ست وعشرين قاله الماوردي .