نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا} (93)

ولما ساق تعالى{[22337]} الخطأ{[22338]} مساق ما هو للفاعل منفراً عنه هذا التنفير ، ناسب كل المناسبة أن يذكر ما ليس له من ذلك ، إذ{[22339]} كان ضبط النفس بعد إرسالها شديداً ، فربما سهلت قتل من تحقق إسلامه إحنة ، وجرت إليه {[22340]}ضغينة وقوت{[22341]} الشبه فيه شدة شكيمة{[22342]} ، ولعمري إن الحمل على الكف بعد الإرسال أصعب من الحمل على الإقدام ! وإنما يعرف ذلك من جرب النفوس حال الإشراف على{[22343]} الظفر واللذاذة بالانتقام مع القوى والقدرة فقال : { ومن يقتل مؤمناً } ولعله أشار بصيغة المضارع إلى دوم العزم على ذلك لأجل الإيمان ، وهو لا يكون إلا كفراً ، وترك الكلام محتملاً زيادة تنفير من قتل المسلم { متعمّداً } أي وأما الخطأ فقد تقدم حكمه في المؤمن وغيره { فجزاؤه } أي على ذلك { جهنم } أي{[22344]} تتلقاه بحالة كريهة جداً كما تجهم{[22345]} المقتول { خالداَ{[22346]} فيها } أي ماكثاً إلى ما لا آخر له { وغضب الله } أي الملك الأعلى الذي لا كفوء له مع ذلك { عليه ولعنه } أي وأبعده من رحمته { وأعد له عذاباً عظيماً * } أي لا تبلغ معرفته عقولكم ، وإن عمم القول في هذه الآية كان الذي خصها ما قبلها{[22347]} وما بعدها من قوله تعالى{ ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء{[22348]} }[ النساء : 48 و116 ] لا{[22349]} آية الفرقان{[22350]} فإنها مكية وهذه مدنية .


[22337]:زيد في ظ: إلى.
[22338]:زيد في ظ: ما هو.
[22339]:في ظ: إذا.
[22340]:في ظ: ضيعته وقويت ـ كذا.
[22341]:في ظ: ضيعته وقويت ـ كذا.
[22342]:في ظ: سليمة.
[22343]:من ظ ومد، وفي الأصل: من.
[22344]:من ظ ومد، وفي الأصل: لكي.
[22345]:جهمه وجهمه وتجهمه وتجهم له: استقبله بوجه عبوس كريه.
[22346]:من ظ ومد والقرآن المجيد، وفي الأصل: خالدين.
[22347]:من ظ ومد، وفي الأصل: خصهما.
[22348]:سورة 4 آية 48 و 116.
[22349]:في الأصول: إلا ـ كذا.
[22350]:أي قوله تعالى "ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما* سيضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا * إلا من تاب" ـ الآيات 68 ـ 70.