{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمّداً } وهي آخر ما نزل ، وما نسختها شيء . وقد روى النسائي عنه نحو هذا . وروى النسائي ، عن زيد بن ثابت نحوه ، وممن ذهب إلى أنه لا توبة له من السلف أبو هريرة ، وعبد الله بن عمرو ، وأبو سلمة ، وعبيد بن عمير ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ابن مزاحم ، نقله ابن أبي حاتم ، عنهم . وذهب الجمهور إلى أن التوبة منه مقبولة ، واستدلوا بمثل قوله تعالى : { إِنَّ الحسنات يُذْهِبْنَ السيئات } [ هود : 114 ] وقوله : { وَهُوَ الذي يَقْبَلُ التوبة عَنْ عِبَادِهِ } [ الشورى : 25 ] . وقوله : { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } [ النساء : 48 ] ، قالوا أيضاً : والجمع ممكن بين آية النساء هذه ، وآية الفرقان ، فيكون معناهما : فجزاؤه جهنم إلا من تاب ، لا سيما ، وقد اتحد السبب ، وهو القتل ، والموجب ، وهو التوعد بالعقاب . واستدلوا أيضاً بالحديث المذكور في الصحيحين ، عن عبادة بن الصامت أنه صلى الله عليه وسلم قال : «بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق » ، ثم قال : «فمن أصاب من ذلك شيئاً ، فستره الله ، فهو إلى الله إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه » وبحديث أبي هريرة الذي أخرجه مسلم في صحيحه ، وغيره في الذي قتل مائة نفس وذهب جماعة منهم أبو حنيفة ، وأصحابه ، والشافعي إلى أن القاتل عمداً داخل تحت المشيئة تاب أو لم يتب . وقد أوضحت في شرحي على المنتقى مستمسك كل فريق .
والحق أن باب التوبة لم يغلق دون كل عاص ، بل هو مفتوح لكل من قصده ورام الدخول منه ، وإذا كان الشرك ، وهو أعظم الذنوب وأشدّها تمحوه التوبة إلى الله ، ويقبل من صاحبه الخروج منه ، والدخول في باب التوبة ، فكيف بما دونه من المعاصي التي من جملتها القتل عمداً ؟ لكن لا بدّ في توبة قاتل العمد من الاعتراف بالقتل ، وتسليم نفسه للقصاص إن كان واجباً ، أو تسليم الدية إن لم يكن القصاص واجباً ، وكان القاتل غنياً متمكناً من تسليمها ، أو بعضها . وأما مجرد التوبة من القاتل عمداً ، وعزمه على أن لا يعود إلى قتل أحد من دون اعتراف ، ولا تسليم نفس ، فنحن لا نقطع بقبولها ، والله أرحم الراحمين ، هو الذي يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.