{ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً [ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً 93 } ]{[9290]}
لما ذكر القتْل الخَطَأ ، ذكر بعده بيان حُكم قتل العَمْدِ ، وله أحكام مِثْل وُجُوب القِصَاص والدِّيَة ، وقد ذُكر في سُورة البَقَرة عند قوله - [ تعالى ]{[9291]} - { يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } [ البقرة : 178 ] لا جرم اقْتَصَر هَهُنَا على بَيَان الإثْمِ والوَعِيد .
وقوله : " معتمداً " : حالٌ من فَاعِل " يقتل " ، وروي عن الكَسَائِيّ سكون التَّاء ؛ كأنه فَرَّ من تَوالِي الحَرَكَات ، و " خالداً " نصْبٌ على الحَالِ من محْذُوف ، وفيه تقديران :
أحدهما : " يجزاها خالداً فيها " ، فإنْ شِئْتَ جَعَلْتَه حالاً من الضَّمِير المَنْصُوب أو المَرْفُوع .
والثاني : " جازاه " ، بدليل { وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ } فعطفَ المَاضِي عليه ، فعلى هذا هي حَالٌ من الضَّمِير المنصوب لا غيرُ ، ولا يجُوزُ أن تكون حالاً من الهَاءِ في " جزاؤه " لوجهين :
أحدهما : أنه مُضَافٌ إليه ، [ ومَجِيء الحَالِ من المُضَاف إليه ] ضعِيفٌ أو مُمْتَنع .
والثاني : أنه يُؤدِّي إلى الفَصْلِ بين الحَالِ وصاحبها بأجْنَبِيٍّ ، وهو خبرُ المبتدأ الذي هو " جهنم " .
نَزَلَت [ هذه الآية ]{[9292]} في مقيس بن ضبابة الكِنْدِي{[9293]} ، وكان قد أسْلَم هو وأخُوه هِشَامٌ ، فوجد أخَاه هِشَاماً قَتِيلاً في بَنِي النَّجَّار ، فأتى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له [ ذلك ]{[9294]} ، فأرسل رسُول الله صلى الله عليه وسلم معه رَجُلاً من بَنِي فهر إلى بَنِي النَّجَّار ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمُرُكم إن عَلِمْتُم قاتل هِشَام بن ضبابة [ أن تدفَعُوه ]{[9295]} إلى مقيس فيقتصَّ منه ، وإن لم تَعْلَمُوه أن تَدْفَعُوا إليْه ديته ، فأبلغهم الفِهري ذلك : فَقَالوا : سمعاً وطاعَةً لله ولرسُولِه ، ما نَعْلَم له قَاتِلاً ولكنَّا نُؤدِّي ديته ، فأعطوهُ مِائة من الإبل ، ثم انْصَرَفَا راجِعَيْن إلى المّدِينَة ، فأتَى الشَّيْطَان مقيساً فوسْوَس إليه ، فقال : تقبل دِيَة أخيك فَتَكُون عليك مَسَبَّة ، اقْتُل الذي معك ، فتكون نفس مكان نفس ، وفضل الدية ، فقتل الفهري فرماه بصخرة فشدخه ، ثم ركب بَعِيراً منها وسَاقَ بقيَّتِها راجعاً{[9296]} إلى مَكَّة [ كَافِراً ]{[9297]} فنزل فيه : { ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها }{[9298]} بكفره وارتداده ، وهو الَّذِي استثْنَاه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يوم فَتْح مَكَّة عَمَّنْ أمَّنَهُ ، فَقُتِل وهو مُتَعَلِّق بأستار الكَعْبَة ، { وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ } [ أي : طَرَدَهُ عن الرَّحْمَة ]{[9299]} { وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } .
فصل : اختلاف العلماء في شبه العمد
قال القرطبي{[9300]} : ذكر الله - عز وجل - في كتابه العَمْد والخطأ ، ولم يذكر شِبْهَ العَمْد ، وقد اختلف العُلَمَاء في القَوْل به :
فقال ابن المُنْذِر : وأنكر ذَلِكَ مَالِك ؛ وقال : ليس في كِتاب اللَّه إلا العمْدَ والخَطَأ وذكره الخَطَّابي أيضاً عن مَالِك ، وزاد : أما شبه{[9301]} العَمْد فلا نَعْرِفُه .
قال أبو عمرو : أنكر مَالِك واللَّيْث بن سَعْد شبه العَمْد ، فمن قُتِلَ عِنْدَهُمَا{[9302]} بما لا يَقْتُل مثلُه غَالِباً ؛ كالعضّة واللَّطْمة ، وضرب السَّوْط ونحوه ؛ فإنه عَمْد وفيه القَوَد ، قال : وهو قول جَمَاعَةٍ من الصَّحَابة والتَّابعين ، وذهب{[9303]} جُمْهُور فقهاءِ الأمْصَار إلى أن هذا كُلّه شبع العَمْد .
قال ابن المُنْذِر : شبْه العمد يُعْمَل به عِنْدَنا ، وممن أثبت شِبْه العَمْد الشَّعْبيُّ ، والحَكَم ، وحمَّاد ، والنَّخعِيُّ ، وقتادَةُ ، وسُفْيَان الثَّوْريُّ ، وأهل{[9304]} العِراقِ والشافعي وأحمد ، وذُكِرَ عن مالكٍ ، ورُوِيَ عن عُمَر بن الخَطَّاب ، وعن عَلِيّ بن أبي طَالِبٍ - رضي الله عنهم أجمعين - .
أجَمعُوا على أن دِيَة العَمْد في مالِ الجَانِي ، ودية الخَطَأ على عاقِلَتِه ، واختلفُوا في دية شبه العَمْد :
فقال الحَارِث{[9305]} العُكْلِي ، وابن أبي لَيْلَى ، وابن شُبْرُمة ، وقتادة ، وأبو ثَوْر [ هي ]{[9306]} في مال الجَانِي .
وقال الشَّعْبي ، والنَّخْعِيّ ، والحَكَم ، والشَّافِعِيّ ، والثَّوْرِيّ ، وأحْمَد ، وإسْحاق ، وأصحاب الرَّأي : [ هي ]{[9307]} على العاقلة .
قال ابن المُنْذِر : وهو الصَّحِيحُ : لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل دِيَة الجَنِين على عاقِلة الضَّارِبَة .
اخْتَلَفُوا في حُكْم هذه الآية :
[ فَرُوِي ]{[9308]} عن ابن عبَّاس أن قاتِل المؤمن{[9309]} عَمْداً لا توبةَ لَهُ ، فقيل له : أليْس قد قال الله - تعالى - في سورة الفُرْقَان : { وَلاَ تَقْتُلُوا{[9310]} النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ }
إلى قوله{[9311]} { وَمَن يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلاَّ مَن تَابَ } [ الفرقان : 68- 70 ] فقال : كانت هذه الآيةُ في الجاهِليَّة وذلك أن أناساً{[9312]} من أهْل الشِّرْك [ كانوا ]{[9313]} قد قَتَلُوا وزَنوا ، فأتَوا رسُول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : إن الذي تدعُو إليه لحَسَنٌ ، لو تخبرنا أنَّ لما عَمْلِنا كَفَّارة ، فنزلت :
{ وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهَا آخَرَ } [ الفرقان : 68 ] ، إلى قوله { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ }
[ الفرقان : 70 ] فهذه لأولَئِك ، وأما الَّتِي في النِّسَاء ؛ فالرَّجل الذي إذا عرف الإسْلام وشرائِعَه ، ثم قتل مُسْلماً متعمداً فجزاَؤُه جَهَنَّم{[9314]} .
وقال زيْد بن ثابت : لما نزلت الآيةُ التي في الفُرْقَان { وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهَا آخَرَ } [ الفرقان : 68 ] ، عجبنا من لينها ، فلبثْنَا سبْعَة أشْهر ثم نزلت الغَلِيظَة بعد اللَّيِّنَة ، [ فنزلت ]{[9315]} فَنَسَخَتْ الليِّنة ، وأراد بالغَلِيِظَة هذه الآية ، وباللَّيِّنة آية الفُرقان{[9316]} .
وقال ابن عبَّاسٍ : تلك آية مكِّيَّة ، وهذه مَدَنيَّة نزلت ولم يَنْسَخْهَا شيء{[9317]} .
وذهب أهل السُّنَّة إلى أن قَاتِل المُسْلِم عَمْداً توبته مَقْبُولة ؛ لقوله - تعالى - :
{ وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً } [ طه : 82 ] ، وقال : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } [ النساء : 48 ] ، وما رُوي عن ابن عبَّاسٍ ؛ فهو تَشديد ومُبَالغَة في الزَّجْرِ عن القَتْلِ ، وليس في الآيَة متعلِّق لمن يَقُول بالتَّخْليد في النَّار بارتكاب الكبائر ؛ لأن الآية نزلَتْ في قَاتِل [ وهو ]{[9318]} كَافِرٌ ، وهو مقيس بن صبابة ، وقيل : إنَّه وعيد لمن قَتَل مُؤمِناً مُسْتَحِلاً [ لقتله ]{[9319]} بسبب إيمَانهِ ، ومن اسْتَحَلَّ قتل أهْل الإيمانِ لإيمانِهِم ، كان كافراً مُخَلّداً في النَّارِ .
حكي أنَّ{[9320]} عمرو بن عُبَيْد جاء إلى أبي عمرو بن العَلاءِ ، فقال : هل يُخِلفُ الله وعده ؟ فقال : لا ، فقال : ألَيْسَ قد قَالَ - تعالى - : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا } فقال أبو عَمْرو : من العَجَم أتَيْت يا أبا عُثْمان : إن العرب لا تَعُدُّ الإخلاَف في الوعيد خُلْفاً وذمَّا وإنَّما تَعُدُّ إخلاف الوَعْد خُلْفاً ، وأنشد [ شعراً ]{[9321]} : [ الطويل ]
وإِنَّي مَتَى أوْعَدْتُهُ أوْ وَعَدْتُهُ *** لَمُخْلِفُ إيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدي{[9322]}
والدَّليل على أن غير الشِّرْك لا يُوجِب التَّخْلِيد في النَّارِ ، قوله عليه الصلاة والسلام " مَنْ مَاتَ لا يُشْرِكُ باللَّه شَيْئاً ، دخل الجَنَّةَ " وروي [ عن ]{[9323]} عبادة بن الصَّامِتِ - رضي الله عنه - ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لَيْلَة العَقَبَة - وحوله عِصَابة من أصْحَابِه - : " بايِعُوني على ألاَّ تُشْرِكُوا باللَّه شَيئاً ، ولا تَسْرِقُوا ولا تَزْنُوا ، ولا تَقْتُلُوا أوْلادكم ، ولا تأتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونه بين أيْدِيكُم وأرْجُلِكُم ، ولا تَعْصُوا في مَعْرُوفٍ ، فَمَنْ وفَّى مِنْكُم ، فأجْرُه على اللَّه ، ومن أصابَ من ذَلِكَ [ شيْئاً ]{[9324]} فعُوقِبَ في الدُّنْيَا ، فهو كَفَّارة له ، ومن أصَابَ من ذَلِكَ شَيْئاً ثم سَتَرهُ الله عَلَيْه ، فهو إلى الله إن شاء عفا عنه{[9325]} ، وإن شاء عَاقَبهُ " فبايَعْنَاه على ذَلِكَ{[9326]} .
وذكر الوَاحِدِي : أن الأصْحَاب سلكوا في الجَوَابِ عن هَذِه الآيَة طُرُقاً كَثِيرة ، قال : وأنَا لا أرْتَضِي شَيْئاً منها ؛ لأنّ الذي ذَكَرُوا إما تَخْصِيصٌ ، وإما معَارَضَة ، وإما إضْمار ، واللَّفظ لا يَدُلُّ على شيء من ذَلِك ، قال : والَّذي اعْتَمَدُوه وجهان :
الأول{[9327]} : إجْماع المفسِّرين على أن الآيَة نزلت في كَافِرٍ قتل مُؤْمِناً ، ثم ذكر تِلْك القِصَّة .
والثاني : أن قوله : { فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ } معناه الاسْتِقْبَال ، والتقدير : إنه سيجزى بجهنم ، وهذا وعيد ، قال : وخُلْفُ الوَعِيد كَرَم .
قال ابن الخَطِيب : والوَجْه الأوَّل ضعيفٌ ؛ لأن العِبْرة بعُمومِ اللَّفْظ لا بخصوص السَّبَبِ ، وأيضاً ثَبَتَ في أصُول الفِقْهِ ؛ أن [ ترتيب ]{[9328]} الحُكْم على الوَصْفِ المُنِاسِب ، يدلُّ على كَوْن ذلك الحُكْم{[9329]} علَِّة لذلِك ؛ كقوله : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا }
[ المائدة : 38 ] ، و{ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا } [ النور : 2 ] ، دلَّ ذَلِك على أن المُوجِبَ لِقَطْع السَّارِق هو السَّرِقة ، وجَلْد الزَّانِي هو الزِّنَى ، فكذا ههنا يَدُلَّ على أن المُوجِبَ لهذا الوَعِيد هو القَتْلِ العَمْد ، لأنه{[9330]} الوصْفُ المُنَاسِب للحكم ، وإذا كان كَذِلك ، لم يَبْق لكون الآيَةِ مخْصُوصة بالكَافِر وجْهٌ ، وأيضاً فإنه لا يَخْلُو إمَّا أن يكون المُوِجِبُ لهذا الوَعِيد هو الكُفْر دون القَتلِ العَمْد ، وإن كَان المُوجبُ هو الكُفْر ، وكان الكُفْر حَاصِلاً قبل هذا القَتْل ، فحينئذ لا يَكُون للقَتْل أثراً ألْبَتَّة في هذا الوَعِيد ، ويكُون هذا الكلام جَارياً مُجْرَى قوله من [ يتعمد قَتْل ]{[9331]} نفس فجزاؤه جَهَنم خَالِداً فيها ؛ لأن القَتْل العَمْد ما لم يكُن له أثر في الوَعِيد ، جرى مُجْرَى النَّفْس ، وسائر الأمُور التي لا تَأثِير لها في هذا الوَعِيدِ ، وذلك بَاطِل ، وإن كان المُوجِب لهذا الوعيد [ كونه ]{[9332]} قَتْلاً عَمْداً ، فلزم أن يُقَال : أيْنَمَا{[9333]} حصل القَتْل العَمْد ، حصل{[9334]} هذا الوعيد ؛ فثبت{[9335]} أن هذا الوَجْه الذي ارتَضَاه الوَاحِدِيّ ليس بِشَيْء .
وأما الوجه الثاني : فهو في غَايَة الفَسَادِ ؛ لأن الوعيدَ قَسْمٌ من أقْسَام{[9336]} الخَبَر ، فإذا جَوَّزْنا الخُلْف فيه على اللَّهِ ، فقد جَوَّزْنا الكَذِب على الله - تعالى - ، وهذا خَطَأٌ عظيم ، بل يَقْرُب من الكُفْرِ ؛ لإجماع العُقَلاء على أنَّه - تعالى - منزَّه عن الكَذِب .
وحكى القفال{[9337]} في تَفْسِيره وجْهاً آخَر في الجَوَابِ ، فقال : الآية تدلُّ على أن جَزَاء القَتْل هو ما ذُكِرَ ، لكن لَيْس فيها أنَّه - تعالى - يوصِلُ هذا الجَزَاءَ إلَيْه أم لا ، وقد يقُول الرَّجُل لعَبْدِه : جزاؤُكَ أن أفْعَلَ بك كَذَا وكَذَا ، إلا أنِّي لا أفعَلُ ، وهذا الجوابُ أيضاً ضَعِيفٌ ، لأنَّه ثبت بهذه الآيةِ أن جزاء القَتْل العَمْد هو ما ذُكِر{[9338]} ، وثبت بسَائر{[9339]} الآيَاتِ أنه - تعالى - يوصل الجَزَاء إلى المسَتحِقِّين ؛ قال - تعالى - :
{ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ } [ النساء : 123 ] ، وقال : { وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }
قال ابن الخطيب{[9340]} : واعلم أنّا نَقُول [ أن ]{[9341]} هذه الآيَة مَخْصُوصة في مَوْضِعَيْن :
أحدهما : أن يكون القَتْل [ العَمْد ]{[9342]} غير عُدْوان ؛ كما في القِصَاص ، فإنه لا يَحْصُل فيه هذا الوعِيد ألْبَتَّة .
والثاني : القتل العَمْد العُدْوَان إذا تَاب عنه لا يَحْصُل فيه هذا الوعيد ، وإذا ثبت دُخُول التَّخْصِيص فيه في هاتين{[9343]} الصُّورتَيْن{[9344]} فيدخُلُه التَّخْصيص فيما إذا حَصَل العفو فيه ؛ بدليل قوله : { وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } [ النساء : 48 ] .