فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا} (93)

{ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } نقل عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن قوله : { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم } قال : إن الرجل إذا عرف الإسلام وشرائع الإسلام ثم قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ولا توبة له ، فذكرت ذلك لمجاهد فقال : إلا من ندم ؛ وهذا الذي ذكره مجاهد عليه أهل السنة ، .

فقد جاء في الصحيحين عن عبادة بن الصامت عن الرسول صلى الله عليه وسلم : وفيه : " تبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب شيئا من ذلك فعوقب به فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عذبه " ؛ .

وفي الصحيحين عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا ثم خرج يسأل فأتى راهبا فسأله فقال له هل من توبة قال لا ، فقتله فجعل يسأل فقال له رجل : ائت قرية كذا وكذا ، فأدركه الموت فناء بصدره نحوها فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحى الله إلى هذه أن تقربي وأوحى الله إلى هذه أن تباعدي وقال قيسوا ما بينهما فوجد إلى هذه أقرب بشبر فغفر له " ، يقول صاحب تفسير القرآن العظيم : وإذا كان هذا في بني إسرائيل فلأن يكون في هذه الأمة التوبة مقبولة بطريق الأولى والأحرى ، لأن الله وضع عنا الآصار والأغلال التي كانت عليهم ، وبعث نبينا بالحنيفية السمحة ؛ قال النحاس : القول فيه عند العلماء أهل النظر أنه محكم وأنه يجازيه إذا لم يتب فإن تاب فقد بين أمره بقوله : { وإني لغفار لمن تاب . . } ( {[1498]} ) ، فهذا لا يخرج عنه ، والخلود لا يقتضي الدوام ، قال الله تعالى : ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد . . ) ( {[1499]} ) الآية ؛ وقال تعالى : ( يحسب أن ماله أخلده ) ( {[1500]} ) ، وهذا يدل على الخلد يطلق على غير معنى التأبيد .


[1498]:سورة طه. من الآية 82.
[1499]:سورة الأنبياء. من الآية 34.
[1500]:سورة الهمزة. الآية 3.