النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَمَن يَقۡتُلۡ مُؤۡمِنٗا مُّتَعَمِّدٗا فَجَزَآؤُهُۥ جَهَنَّمُ خَٰلِدٗا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِ وَلَعَنَهُۥ وَأَعَدَّ لَهُۥ عَذَابًا عَظِيمٗا} (93)

قوله تعالى : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا } قال ابن جريج : نزلت في مقيس بن صبابة{[698]} ، وقد كان رجل من بني فهر قتل أخاه ، فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم الدية وضربها علي بني النجار ، فقبلها ، ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مقيس بن صبابة ومعه الفهري في حاجة فاحتمل مقيس الفهريَّ وكان أَيِّدا{[699]} فضرب به الأرض ورضخ رأسه بين حجرين ثم ألقى يغني :

قتلت به فِهراً وحملت عقله *** سراة بني النجار أرباب{[700]} فارع

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أَظُنهُ أَحْدَثَ حَدَثاً ، أَمَا وَاللَّهِ لَئِن كَانَ فَعَلَ لاَ أُؤَمِّنْهُ فِي حِلٍ وَلاَ حَرم فَقُتِلَ عَامَ الفَتْحِ " {[701]} .

وروى سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وَمَن يَقْتُلْ مَؤْمِناً مُّتَعمِدّاً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ… " الآية ، فقيل له : وإن تاب وآمن وعمل صالحاً . قال وأنَّى له التوبة . قال زيد بن ثابت . فنزلت الشديدة بعد الهدنة بستة أشهر ، يعني قوله تعالى : { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا } بعد قوله :

{ وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً ءَاخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهَ إِلاَّ بِالْحَقِّ }

[ الفرقان : 68 ] .


[698]:- في الطبري ضبابة وفي القاموس المحيط حبابه.
[699]:- الأيد: القوى.
[700]:- في ك أربع فارع، والبيت الذي بعده: حللت به وترى وأدركت ثورتي وكنت إلى الأوثان أول راجع أي أنه ارتد، ورجع إلى مكة. وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقتله وهو متعلق بالكعبة.
[701]:- أبو داود، في الجهاد من سنته، باب 117.