نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{سَنَسِمُهُۥ عَلَى ٱلۡخُرۡطُومِ} (16)

ولما كان هذا المذكور قد أغرق في الشر فتوقع السامع جزاءه ، قال معلماً أنه يجعل له من الخزي والفضائح ما يصير به شهرة بين الخلائق في الدنيا والآخرة : { سنسمه } أي نجعل ما يلحق به من العار في الدارين كالوسم الذي لا ينمحي أثره ، تقول العرب : وسمه ميسم سوء .

ولما كان الوسم منكئاً ، وكان جعله{[67508]} في موضع لا يستر أنكأ ، وكان الوجه أشرف{[67509]} ما في الإنسان ، وكان أظهر ما فيه وأكرمه{[67510]} الأنف ، ولذلك جعلوه مكان{[67511]} العز والحمية واشتقوا منه الأنفة ، قال : { على الخرطوم * } أي الأنف الطويل جميعه وما قاربه من الحنكين{[67512]} وسماً مستعلياً عليه بوضوح جداً ليكون هتكة{[67513]} بين الناس وفضيحة لقومه{[67514]} وذلاً وعاراً ، وكذا كان لعمري له بهذا{[67515]} الذكر{[67516]} الشنيع والذنب القبيح من الكفر وما معه ، وسيكون له يوم الجمع الأعظم{[67517]} ما هو أشنع من هذا ، على أنه قد حقق في الدنيا هذا الخطم حساً بأنه ضرب يوم بدر ضربة خطمت أنفه - قاله ابن عباس رضي الله عنهما{[67518]} ، والتعبير{[67519]} عن الأنف بهذا{[67520]} للاستهانة والاستخفاف .


[67508]:- من ظ وم، وفي الأصل: جعل.
[67509]:- في ظ وم: اشهر.
[67510]:- من ظ وم، وفي الأصل: إكرامه.
[67511]:- من ظ وم، وفي الأصل: موضع.
[67512]:- زيد في الأصل: وسمى هذا، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[67513]:- من ظ وم، وفي الأصل: هتيكة.
[67514]:- من ظ وم، وفي الأصل بين قومه.
[67515]:- من ظ وم، وفي الأصل: هذا.
[67516]:- زيد من ظ وم.
[67517]:- من ظ وم، وفي الأصل: الأكبر.
[67518]:- راجع معالم التنزيل 7/111.
[67519]:- من ظ وم، وفي الأصل: بهذا عن الخرطوم.
[67520]:- من ظ وم، وفي الأصل: بهذا عن الخرطوم.