نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{فَرِيقًا هَدَىٰ وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيۡهِمُ ٱلضَّلَٰلَةُۚ إِنَّهُمُ ٱتَّخَذُواْ ٱلشَّيَٰطِينَ أَوۡلِيَآءَ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ} (30)

{ فريقاً هدى } أي خلق الهداية في قلوبهم فحق لهم ثواب الهداية { وفريقاً } أضل ، ثم فسر أضل - لأنه واجب التقدير بالنصب - بقوله : { حق } أي ثبت ووجب { عليهم الضلالة } أي لأنه أضلهم فيحشرون على ما كانوا عليه في الدنيا من الأديان ، والأبدان ، وقد تبين أن ههنا احتباكين : أثبت في أولهما بدا دليلاً على حذف{[32146]} يعيد وذكر تعودون دليلاً على حذف تبتدئون ، وأثبت في الثاني هدى دليلاً على حذف{[32147]} أضل وذكر حقوق الضلالة دليلاً على حذف حقوق الهدى .

ولما كرر سبحانه ذكر البعث كما تدعو إليه الحكمة في تقرير ما ينكره المخاطب تأنيساً له به وكسراً لشوكته وإيهاناً لقوته وقمعاً لسورته إلى أن ختم بما هو أدل عليه مما قبل من قوله ومنها تخرجون

{ فلنسئلن الذين أرسل إليهم }[ الأعراف : 6 ] علل ما ختم به هذا الدليل من حقوق الضلالة أي وجوبها أي وجوب وبالها عليهم بقوله : { إنهم اتخذوا } أي كلفوا أنفسهم ضد ما دعتهم إليه الفطرة الأولى بأن أخذوا { الشياطين أولياء } أي أقرباء وأنصاراً { من دون الله } أي الملك الأعلى الذي لا مثل له{[32148]} { ويحسبون } أي والحال أنهم يظنون بقلة عقولهم { أنهم مهتدون* } فأشار بذلك إلى أنهم استحقوا النكال لأنهم قنعوا في الأصول - التي{[32149]} يجب فيها الابتهال{[32150]} إلى القطع - بالظنون .


[32146]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[32147]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[32148]:- سقط من ظ.
[32149]:- في ظ: الذي.
[32150]:- في ظ: الانتهاء.